لم تكن عقبات التحديث الداخلي والتطوير في السعودية سوى جزء بسيط من التحديات التي واجهت الملك فهد رحمة الله رحمة واسعة، بل كانت التحديات الخارجية المتغيرة هي الأخطر على أمن السعودية واستقرارها، وعلى رغم الوفر المالي فإن المملكة بمساحتها الجغرافية الكبيرة ودورها الإسلامي والعربي كانت تشكو الكثير من معوقات التنمية فكان لا بد من البناء في الداخل ومواجهة أخطار الخارج، ومن أبرز المحطات التي واجهت السعودية في عهد الملك فهد، جاءت سياسة تصدير الثورة التي انتهجتها الحكومة الإيرانية بعد سقوط الشاه وتولي آية الله الخميني السلطات، سياسة التصدير تلك أسهمت في بث عدم الاستقرار في بلدان المنطقة، ولأن السعودية هي مهبط الوحي وحامية الحرمين الشريفين، والمنظمة لأكبر تجمع إسلامي سنوي في مكة المكرمة فقد كان لها النصيب الأوفر من حملات تصدير الثورة، وتمت محاولات مستميتة لاستغلال مواسم الحج، على رغم هذا استطاع الملك فهد بحنكته وحكمته تجنيب البلاد أثار تلك المحاولات بل وتمكن من حصر أخطارها إلى أقل حد، ولم تنته التحديات بانكفاء مشروع تصدير الثورة الإيرانية، إلا واشتعلت الحرب العراقية الإيرانية، ومعها جاءت أساطيل الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية للمنطقة، قرابة عقد من الزمان عانت المنطقة من ويلات الحرب العراقية الإيرانية استنزفت فيها مواردها البشرية والمادية وكبلت بالديون، والرابح الوحيد كانت شركات تصنيع الأسلحة، وما أن انتهت تلك الحرب البشعة حتى جاء غزو الكويت إذ تحول جيش صدام إلى الجبهة الأخرى، كل هذه الأخطار كانت على الحدود السعودية في تلك اللحظة الحاسمة اتخذ الملك فهد قراراً استراتيجياً وتاريخياً بإيقاف هذا الغزو، واستطاع توفير دعم غطاء دولي قل نظيره، وسمح للقوات الأميركية والتحالف العالمي بالانطلاق من الأراضي السعودية لتحرير الكويت، هذا القرار البعيد النظر والصعب في الوقت نفسه أسهم في حماية استقرار السعودية وجيرانها من الدول الصغيرة، واستطاع تقليل الأخطار والآثار السلبية إلى أقل حد ممكن.
على رغم كل هذه التحديات الكبيرة الخارجية، استطاع أول وزير للمعارف في السعودية تحديث البلاد واهتم بشكل خاص بالتعليم فكانت هذه الأفواج من الخريجين المتسلحين بالعلم والمعرفة.
رحم الله الملك فهد رحمة واسعة، وجزاه الكريم المتعال عنا وعن المسلمين كل الخير وأسكنه فسيح جناته، وأيد بتوفيقه وعونه أخاه الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز ورجال هذا الوطن الغالي وحفظه الله من كل سوء.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط