المال و”الكوسة”

في أكثر من مقال أشرت إلى المتغيرات الاقتصادية المتسارعة من حولنا، وبطء حركتنا في التجاوب معها، ولعل ما حصل في الاكتتابات الخليجية، خصوصاً “دانة غاز”، استطاع أن يؤثر أكثر من كل ما كتب، وتوقعنا نتائج لإعصار “دانة غاز”، وقلت أكثر من مرة إن الأسواق المجاورة تسابق الزمن للحصول على أكبر قطعة من كعكة السيولة السعودية، في حين تتجول وفودنا عبر القارات  بحثاً عن مستثمرين أجانب، وكأن المال السعودي أقل قيمة! أصبحنا مثل بعض الدول المصدرة للسلع الرئيسية، ولكن بطريقة “مع… كوسة”!!، مثلاً الهند تصدر الأرز العالي الجودة وتستهلك الأقل جودة، القطن في مصر وهكذا، كل هذا تجاوباً مع المنافسة وبحثاً عن دخل أعلى، ويظهر أننا نفعل الشيء نفسه، الفرق أن الاستثمارات الأجنبية، السيولة منها على وجه الخصوص، عائدها أقل على الاقتصاد الوطني وهي أيضاً أكثر كلفة، وحتى لا أطيل أضع أمامكم نماذج لما يفعله الإخوة في الأسواق المجاورة وما نفعله نحن، بل ما لا نفعله نحن؟!
الأسواق المجاورة تطرح اكتتابات جديدة وفوق هذا تقوم بتعديل أنظمتها لإغراء المستثمر السعودي وغيره، من ذلك أن قطر أعلنت العزم على تأسيس مصارف جديدة سمحت أو فضلت وقامت بدعوة الخليجيين للدخول في تأسيسها. في الإمارات، أبو ظبي، فتحت الأسواق على مصراعيها وتم السماح للخليجيين بالتملك بتأسيس شركات مساهمة وطرحها في تلك الأسواق. البحرين لديها العديد من الاكتتابات الجديدة، ولديها عدد لا بأس به من المصارف التي أسسها مال سعودي، حسناً عزيزي القارئ انظر إلى حالنا من واقع تصريح نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي وهو يدشن بنك “بي. أن. بي” الفرنسي، الشهر الماضي، قال إن منح الترخيص لا علاقة له بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بل هو حلقة في سياسة قديمة، لأن السعودية احتضنت المصارف الأجنبية منذ سنين طويلة (1926)، وعندما طرح عليه سؤال عن تحديد سقف زمني  يسمح فيه  للسعوديين بإنشاء مصارف جديدة في بلادهم رفض الإجابة، ولك أن تفسر الرفض على راحتك، إما انه لا يملك إجابة على السؤال أو أنه لا يريد، وإذا كانت السعودية احتضنت المصارف الأجنبية طوال هذه المدة فلماذا لا يسمح للمستثمرين السعوديين بإنشاء مصارف جديدة؟ هل المصارف لدينا كافية؟ الجواب بالنفي طبعاً والأسهم كشفت المستور في القطاع المصرفي السعودي، إذاً لماذا يتم رفض الإجابة على السؤال ونحن نعلم أن الدعوة بالرد على ما تطرحه الصحف فيه توجيه من أعلى مستوى في البلاد؟ السعوديون يشيدون مصارف في الدول المجاورة ويمنعون من إنشائها في الداخل لسبب لا نعلمه، وهو إجراء يذكرنا بالمصارف الإسلامية التي تم رفضها فترة طويلة ثم تم استيراد المنتجات “الإسلامية”! من الدول الغربية، لم نعد بطيئين فقط بل هناك بطء معه رفض في الإفصاح.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.