“دقي يا مزيكا هذه هي أميركا”، لم أجد أفضل من هذه العبارة للتعليق على السحابة الإعلامية التي ترعد وتبرق هذه الأيام، لتمطر علينا أعذاراً أميركية جديدة، أعذار دفعت لتدمير العراق على رؤوس أبنائه، تصور لنا هذه التبريرات المتجددة أن إدارة الرئيس بوش إدارة ساذجة، الكل يتمكن من التلاعب بها، هذه القوة العظمى- بأجهزتها الضخمة ومعتقلاتها المعلنة والسرية ومخابراتها التي تلتقط رقم “فانيلة” الإرهابي الشرق أوسطي بالأقمار الصناعية- يتم التلاعب بها على رغم هذه الإمكانات، والعجب يأتي من سهولة التلاعب، كلما دقت مزيكا ماما أميركا، وطفحت رائحة التبريرات الجديدة، تزدحم الساحة برقص شرقي على الوحدة والنصف، تعر إعلامي يدفعك للضحك إلى أن تنتبه لنفسك، فتقول: “الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به”، آخر نكتة أميركية تقول إن إدارة بوش وقعت ضحية لمعلومات من عضو منظمة القاعدة ابن الشيخ الليبي المعتقل لديها، استطاع ابن الشيخ هذا، وبحسب الرواية الأميركية، أن يغرر بالمحققين، ويقنعهم أن المخلوع صدام حسين يدرب أفراد القاعدة، ولك أن تضحك أو أن تنتف شعر رأسك.
مثل اميركا مثل من أراد قتل وحش القرية بقنبلة نووية، فكان أن دمر القرية على رؤوس ساكنيها، وصار يصيح ويصرخ هو والراقصون من حوله: “قتلت الوحش قتلت الوحش”.
وكلما قيل له لقد دمرت القرية على رؤوس أصحابها قال إن الوحش كان يقتل ويخرب، وكلما قيل له إن القرية ركام على ركام، ومن تبقى من أهلها يعانون الدمار والجوع والخوف، يرد بقوله: “حررت القرية من تسلط الوحش”، أما الراقصون فهم في جاهزية تامة لخطف الأنظار.
إدارة بوش لم تخطئ في العراق، بل ارتكبت جرائم حرب تسلسلية، بعضها مشتعل، وبعض آخر تحت الرماد، يكفي أنها تستميت لتوفير الأرضية المناسبة لحرب طائفية في العراق، ما هو التبرير المقبل المنتظر؟ سيقال إن أحد “الصداديم” الصغار الجدد في العراق قدم لهم معلومات خاطئة، ما هذه القوة العظمى التي يضحك عليها الأفراد والجماعات؟ مرات من طاقمها والمتعاونين معها، ومرة من سجين من أعدائها، أي ذقون هذه التي تريدون الضحك عليها؟ ألا تستريحون قليلاً من الرقص الإعلامي الخالع.
ما دام أن لدى إدارة بوش مشكلة في معرفة من قدم المعلومات الخاطئة وقرر القرار الخطأ، فكان دمار العراق وتقسيمه، فلماذا لا يسمح لمحقق دولي مثل السيد ميليس بالبحث والتقصي وكشف النتائج، لتأخذ العدالة الدولية مجراها، إذا كان هناك من عدالة دولية في ظل وجود “ماما أميركا”؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط