“كيف تكسب قلوب الناس” هو عنوان دورة تدريبية خضع لها 200 رجل أمن سعودي في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، الهدف هو تحسين قدرات رجال الأمن في الاتصال بالجمهور، لو طلبت مشورتك عزيزي القارئ في عنوان لمثل هذه الدورات ماذا ستقترح؟ هل ستقترح عنوان “لو سمحت لا تنفخ؟” أو عنوان “أرجو أن تهتم ببلاغي؟” أو “انتبه أنا إنسان”.
أول مشكلة يعاني منها الجمهور في التواصل مع رجال الأمن هي التهوين من بلاغاتهم، “سرقت سيارتك هناك الكثير ممن سرقت سياراتهم”، “سرق منزلكم… أحمد الله على أن أهلك كانوا في الخارج”، وهكذا. المشكلة الأخرى تأتي في معاناة المبلغين من شهود الجرائم، التعامل معهم يجعل كثيراً منهم يحرم على نفسه التبليغ مرة أخرى، الشهود من المبلغين الغيورين الذين لم تسمح لهم أنفسهم الخيّرة الفاعلة بالتعامل بسلبية مع ما يشاهدونه من أحداث يتم التعامل معهم بلا مبالاة وكأن البعض يعتبرهم مراجعين “ثقال طينة” يزيدون من حجم العمل، أما احترام وقتهم ومصالحهم فهو في آخر القائمة، وأقل شيء هو أن تسحب أوراقهم الثبوتية إلى حين، على رغم أنه يمكن في دقيقة واحدة كتابة بياناتهم واحترامهم مع ابتسامة وشكر جزيل.
كيف “يكسف” رجل الأمن قلوب الناس؟
ليست القضية صعبة، في الحقيقة صعوبتها تأتي من سهولتها، وحتى يفرض رجل الأمن نفسه على قلوب الناس يجب أن يكون منضبطاً، أليس هو رجل فرض الانضباط؟ لا بد من أن يظهر الانضباط في التصرفات واللباس وقيادة السيارة، كما عليه أن يعلم أن الزي العسكري والانتساب إلى منظومة الأمن في الأصل خدمة، إنه رجل إنقاذ و “فزعة”، ويتوقع منه الناس ذلك، ولا بد من أن يكون مستعداً له حتى لا يصدم المتعاملين معه، الزي الرسمي لا يعني السلطة فقط، إنه ممثل لهذه السلطة التي هدفها الأمن والأمان، ويجب أن يكون على مستوى وسمو السلطة التي يمثلها، فلا يتدحرج إلى حفرة التسلط.
في الجانب الآخر، لا بد من أن نسمع من رجال الأمن معاناتهم مع الجمهور، ما السلوكيات السلبية في التواصل، أعتقد أن أي إنسان يتعامل مع رجل الأمن باحترام ويعطيه حقه من القيمة المعنوية، والاتصال بالجمهور هو عمل صعب ليس كل إنسان مهيأ له، أما إذا كان الجمهور يتوقع الكثير فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة، لو كانت هناك حبوباً للصبر لاقترحت صرفها مع مذكرات تلك الدورات، لذلك لا بد من أن يكون هناك بعض “الغثيثين” من الجمهور الذي يتواصل معه رجل الأمن و”الفاضين” وأصحاب البلاغات الكيدية والكاذبة، لكنها الشوائب التي لا بد منها في كل شأن. أنت رجل أمن تأكد أننا نحترمك ونقدر عملك لكن لا تنس أن للمدني القيمة نفسها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط