تقنية التعطيل والاحتكار

التقنية من نعم الله تعالى، وهدف العقول الفذة التي تخترعها، في الغالب الأعمّ، هو استثمار الوقت وخدمة عدد أكبر من البشر والتيسير عليهم وتحقيق أرباح أعلى، لكنها تتحول عند بعض المستخدمين أو المشغلين، إلى أداة للتعطيل والاحتكار، لذلك فإن تعطل نظام الحاسب في أي جهة هو العذر الأكثر استخداماً. ومنذ فترة تصلني رسائل عن الازدحام وتكدّس المسافرين الذي يحدث على جسر الملك فهد الموصل بين المنطقة الشرقية والبحرين، ويقول بعضهم إن التكدس الذي تشاهده في نقطة العبور السعودية لا تراه في نقطة العبور البحرينية! على رغم أن المسافرين هم المسافرون، والأعداد هي الأعداد نفسها، فلا أحد “يطب” في البحر. ومن المضحك المبكي الذي يؤيد ما أقول أن المخالفات المرورية التي تكتشفها أجهزة الحاسب على المسافرين محصور سدادها في بنكين لا ثالث لهما. المضحك أنه لا توجد أجهزة صراف لهذين البنكين المحتكرين، بل تتوافر أجهزة صراف لبنوك أخرى لا يمكن الاستفادة منها في هذا الأمر! ويلجأ المسافر إلى الاتصال بصديق والانتظار. تقنية التعطيل هذه هي نفسها التي تعمل بها الجوازات السعودية بحصرها دفع الرسوم في بنوك محددة، وهي نفسها تقنية الاحتكار التي أخرت بموجبها هيئة سوق المال المعلومات على موقع تداول الإلكتروني أكثر من عشر دقائق لدفع الناس للذهاب إلى البنوك أو موقع تجاري آخر على الإنترنت. والاتصالات ليست ببعيدة عن هذا النوع من الاحتكار والتعطيل. هذا الفهم الاحتكاري و “التنفيعي” الضيق للتقنية لا يدل على سلامة هدف التوجه إلى استخدامها، كما أنه لا يشير إلى أن الغرض هو التيسير على الناس، بل يدل دلالة واضحة على أن الهدف الأول هو “تنفيع” جهة معينة لأطول فترة ممكنة، إلى أن “تنبعج” وترتفع الأصوات أكثر فأكثر فيتم وقتها التفكير في حل آخر… و”مت يا… مضطر!”، هذا المنهج هو أقرب إلى الأسلوب الإقطاعي… وفي آخر طابور الاهتمام المستخدم، والمضحك أن هذا الأخير الذي تتم “جرجرته” هنا وهناك هو الذي يحقق الأرباح لهم. وإذا تذكرنا بداية تحويل رواتب الموظفين إلى البنوك والطريقة التي استخدمت نعلم أن البعض يحول المجتمع إلى قطع من “الكيكات”، وكل جهة و”شطارتها” في الالتهام، والبقية تحفظ في الثلاجة إلى حين هضم الوجبة السابقة، ويتناسى أصحاب هذا التوجّه والقادرون على وضع الحلول أن تلك القطع هي بشر أكثرهم منتجون ولهم مصالح وتعطيلهم تعطيل للاقتصاد وللمجتمع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.