دعوة للمراجعة

قال وزير العمل الدكتور غازي القصيبي في تصريح صحافي: “إن الوزارة تُعَوّل كثيراً على الغرف التجارية الصناعية في جهودها لتوظيف السعوديين الراغبين في العمل، وتهيئة الظروف المناسبة لهم”. وأشار إلى أن “الوزارة والغرف التجارية جهات مكملة لبعضها البعض، وأنها – أيْ الوزارة – ليست عدواً للقطاع الخاص… وليست في مباراة معه”.
أول ما قرأت تصريح معاليه قرأته، خطأً، هكذا: “إن الوزارة تُوَلْوِلُ…”! وقد يتفق معي بعضهم على أنها عندما تُعَوّل على الغرف التجارية فإنها قريبة من وضع “الوَلْوَلة”! والحقيقة أن هناك مباراة حامية منذ سنوات، على رغم نفي الوزير لها، أطلقت صافرة بدايتها منذ لحظة محاولة الوزارة تطبيق قرارات السعودة ومنع الاستقدام على طريقتها.
ولا أشك لحظةً في أن للوزارة أخطاءها، ولعل أهمها – في نظري – عدم معرفتها الواقع أو تجاهُلَه. يضاف إلى ذلك عدم جاهزية مكاتب العمل، من حيث القدرات البشرية والفنية. في مقابل هذا، يعلم الجميع قوة القطاع الخاص ومقدرته على المراوغة في تنفيذ القرارات. انظر إلى هذه القدرة تتجلى في الاستمرار بطرح 30 في المئة فقط من الشركات المساهِمة الجديدة وبمظلات رسمية، ممثلة إما في هيئة سوق المال أو في هيئة استثمار رأس المال الأجنبي اللاهثة لطرح الشركات، على رغم ما في هذه الـ 30 في المئة من ظلم فاضح، حوَّل الاستثمار إلى استئثار القلة! وجمعهم  أموال الكثرة بالتراخيص الرسمية!
هذا موضوع آخر، إلا أنه متداخل، وهو يشير إلى قوة القطاع الخاص تجاه القرار الرسمي، وإذا نظرت إلى التوجيه الملكي الكريم بطرح 70 في المئة من بنك الإنماء للعامة فيمكن تقدير ماهية التوجه الرسمي، لكنها قوة ونفوذ القطاع الخاص.
أعود إلى القضية الأساسية. التوظيف والسعودة. والواقع يقول إن الاقتصاد تضرر من تلك المباراة المستمرة بين القطاع الخاص ووزارة العمل، وأكثر المتضررين هم أصحاب المنشآت الصغيرة، لأن قدراتهم على التحمل أضعف من غيرهم. قام بعضهم بتصفية أعمالهم واتجه إلى سوق المال فكانت الضربة القاضية.
الحاجة ملحة إلى أن تعيد الوزارة نظرتها وتقويمها للأمور، كما هو أيضاً الواجب على القطاع الخاص. فلا يموت الذئب مع بقاء عدد معقول من الغنم! وهي حاجة يحتّمها الوضع الذي يعيشه الاقتصاد في دوامة البحث عن عمالة، وتعطّل الكثير من الأعمال والأحلام، فكل مَنْ تقابله من رجال الأعمال يقول “عندك أحد… هات”.
ولأننا نكرر أخطاءنا يقرأ الجميع توقيع عقود ضخمة تقول أخبارها إنها ستوفر كذا ألف فرصة وظيفية، لكن لا أحد يعلم كيف سيتم التوفير. الغريب أن مثل تلك العقود لمشاريع ومصانع يُخطّط أن تنتهي بعد سنوات لا تدخل في طياتها أية ملامح لتجهيز وتدريب الكوادر اللازمة لتشغيلها. إنه التخطيط لدينا المستند إلى قولهم “… يكون خير”!.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.