“مدربيات” بدلاً من مدربات، لأن الإعلانات المبوبة عن توافر “خادمات مدرَّبات” تخطف الأبصار، وتصيب العين بالحَوَل، فتختلط الحروف على القارئ، و”دربى” بمعنى ” دحرج”. وتأتي أيضاً بمعنى آخر، فإذا سمعت أن “فلاناً مدربي” فهذا يعني أنه سمين يتدربى عندما يمشي.
إذاً، هُنَّ في الغالب خادمات “مدحرجات”، يقوم مكتب الاستقدام الأهلي بدحرجتهن يميناً ويساراً، على المضطرين، وما من حيلة للمحتاج سوى تجرُّع المرارة.
السوق السوداء للعمالة المنزلية تشتد في فصل الصيف الطويل، وتبلغ الذروة مع عودة المدارس إلى فتح أبوابها، ومع إجراءات وزارة العمل المشددة، والتي لها أكثر من تنظيم وأحاديث عن “العكوف” على إعداد الجديد منها، فمرة يقال إن “الدخل” هو المحدد للحصول على الحاجة، ومرات يقال إن تقدير الحاجة تأتي من موظفي الوزارة، “فهم أبخص” بما تحتاج إليه أنت! على رغم هذا التشديد إلا أن السوق السوداء في انتعاش لا مثيل له، والإعلانات تنشر يومياً، ويتراوح رسم تأجير الخادمة للشهر الواحد بين 1500 و2000 ريال، أما نقل الكفالة فقد يكلفك 10 آلاف ريال، وربما تهرب الخادمة من منزلك بعد شهر واحد. ويستغرب الإنسان من أن تشديد الوزارة لا يطاول هذه السوق، على رغم أنها تعلن عن نفسها في الصحف كل يوم، ويزداد الاستغراب ليبلغ الذروة إذا ما علمتَ كم لدى هذه المكاتب من الخادمات “المدربيات” تحت الطلب! فتقول لنفسك سبحان الله! مَنْ الذي قام بتقدير حاجة هذه المكاتب فأصبح لديهم كل هذه الأعداد التي يعلن عنها يومياً؟
هذه السوق السوداء أكبر مشجع على هروب الخادمات من كفلائهن الأصليين، وارتفاع الرواتب مع بعض الإغراءات يشجعهن أكثر. وأعلم أن الوزارة محشورة بين حاجات سوق العمل خارج المنزل وداخله. لكن النتيجة، وهي المقياس، أن الذين يحتاجون حقيقة إلى العمالة هم الذين يدفعون الثمن المضاعف، والمؤجِّرون للعمالة هم المستفيدون، وهم قلة. ومثلما دعوت في مقال سابق وزارة العمل إلى إعادة النظر في موقفها من الاستقدام ليصبح أكثر مرونة واهتماماً بالنظر إلى نوعية الحاجة، فإني أدعوها إلى إعادة النظر في هذا الطرف من الاستقدام، النتيجة للواقع الحالي في العمالة المنزلية، هي مثيلة للنتيجة في استقدام العمالة، المتضررون هنا هم الصغار من متوسطي الدخل، وأكاد أجزم بأن هذا ليس هو هدف الوزارة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط