الأخبار المتسربة من الدولة الصهيونية تتحدث عن استقالات وإقالات تشمل عدداً من الرموز العسكرية والسياسية، أياً كان تصنيفهم: حمائم، صقور، غربان، كل من كانت له سلطة في الحكومة الحالية. المعارضة هناك – وهي الأكثر تطرفاً – تقوم بالمحاسبة، وينتظر من الرأي العام في تل أبيب أن يجري محاسبة هو الآخر، والحديث يدور حول التفاصيل، ويبحث عن إجابة لأسئلة تبدأ بـ لماذا..؟ وكيف..؟ ومن..؟ وماذا يجب؟
في الجانب الآخر وبعد ساعات من وقف العمليات الحربية، وثبوت هذا الوقف، انهمرت الخطب الحماسية، فكانت خطبة أمين “حزب الله”، وخطبة الرئيس الإيراني، وكذلك السوري. كل هذه الخطب موجهة، في الأساس، إلى الرأي العام، أو “الشارع” السياسي العربي. يستمر الرهان على هذا “الشارع”، على رغم إهمال مستمر ومتراكم لأبسط مقومات المتظاهرين فيه.
في تلك الخطب الحماسية رسائل واضحة لدول عربية. أهمها ما جاء في خطاب الرئيس السوري، وهي تنبئ عن مرحلة قاتمة في العلاقات العربية – العربية. تلفظ الرئيس السوري بعبارات ينطبق عليها القول “رب كلمة قالت لصاحبها دعني”. هذه إشارة لا بد منها، لأن في الخطاب إشاراتٍ لمرحلة مقبلة لا تبشر بخير لشعوب المنطقة العربية، فبعد أن تم الفرز والتصنيف للرجال وأنصاف الرجال، من وجهة نظر الرئيس السوري، تم كذلك الكشف علناً عن خيار التحالفات الوحيدة المتاحة حتى للرأي العام العربي، المهمل أصلاً. الخطاب بما احتوى، جزء من تداعيات الحرب التي لا يعرف مداها. وهو يعبر عن مرحلة أخرى، ربما جديدة وقديمة في الوقت نفسه، يجب درسها بتأنٍ وتدقيق. الحرب على لبنان ليست سوى حلقة في صراع قديم – جديد، استبدلت فيه التحالفات والمعطيات، ولا بد أن يؤدي ذلك إلى نتائج قد لا تخطر على البال.
الدولة الصهيونية تتحدث عن النصر المحقق، و “حزب الله” ومعه إيران وسورية يتحدثون أيضاً عن النصر المحقق. ويظهر لي أن كلاً من الطرفين قانع بنصره. لكن هناك فارقاً بسيطاً وجسيماً في آن معاً. هناك في الدولة الصهيونية سيُقال بعضهم أو يستقيل. ستتغير الوجوه والأشخاص فيما الأهداف ثابتة. في الجانب الآخر يجري تسويق تلك الاستقالات والإقالات على أنها من بشائر النصر. ففي حين يرى طرف أنه لا بد من المحاسبة والتغيير، يرى الطرف الآخر أن الثبات على المطالبة بمحاسبة الآخرين هو النصر بعينه. أما الشارع العربي فيتم تجهيزه لدفع ثمن باهظ جديد.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط