صحوة سياسية

إذا كانت بريطانيا تابعاً سياسياً للولايات المتحدة فإن واشنطن تركض وراء إسرائيل. وفي كل حقبة رئاسية أميركية، في مثل هذه الفترة من الزمن، يُجرَى الترويج للمراهنة على واحد من حصانين خاسرين، الأول ما يقال عن أن ما تبقى للرئيس بوش الابن في البيت الأبيض من الوقت سيتيح له حرية أكبر للعمل السياسي المثمر نحو تحقيق العدالة في المنطقة العربية. يراهن هؤلاء على صحوة ضمير، وهم هنا يفترضون وجود ضمير! وعلى هذا الأساس تحلو لهم المراهنة المُشْبَعة بألوان التسويق. أما الحصان الخاسر الآخر فهو التغيير المحتمل في البيت الأبيض.. ربما يأتي الديمقراطيون تحت سقف هذا البيت.
والمتتبع لأحوال السياسة الأميركية الخارجية، خصوصاً ما يتعلق بحضورها في المنطقة العربية، يجد أنها في كل حقبة رئاسية ترفع سقف وعودها للعرب، ولا تنفذ منها شيئاً في حين تزداد دعماً لإسرائيل حتى يتوقع المرء أن هذا الدعم بلغ ذروته، ثم يفاجأ بأنه ليس لهذا الدعم سقف أعلى.
لهذا، فإن المسوقين لما تبقى من فترة رئاسية “أكثر حرية” لداعية الحرية على الطريقة الأميركية الرئيس بوش الابن يسوقون الوهم المتجدد، ويمارسون تخديراً للسياسة العربية المعتدلة، فماذا قدمت السياسة الخارجية الأميركية للدول العربية المعتدلة التي تحرص على إبقاء علاقة صداقة وتعاون مع أميركا، لم تقدم لها سوى الحرج السياسي الذي وصل مداه، بل إن الدول العربية المعتدلة تركت مجالاً حيوياً لمزايدة المزايدين من حولها، وهم كثر.
نستنتج من هذا أن العمل الديبلوماسي والسياسي العربي لم يحقق نجاحاً داخل الولايات المتحدة، وهو أمر يجب معالجته وإعادة صياغته وترك الأساليب التي أثبتت فشلها عقوداً طويلة، إن من المضحك المبكي أن المتابع يقرأ لساسة أميركيين سابقين، متقاعدين، مقالات وآراء فيها من الإنصاف الشيء الكبير، يطرحون هذه الآراء كنتيجة لتجاربهم السابقة، في معرض نقد للسياسة الأميركية الخارجية الحالية، حظوظنا مع المتقاعدين من الساسة الأميركيين جيدة… فلماذا لا يكون لنا حظ مع الفاعلين منهم، الممسكين بزمام السلطة والتسلط هناك؟ هذا يقودنا مرة أخرى إلى الفشل السياسي العربي داخل الولايات المتحدة طوال عقود،
وهو ما يدعو إلى الالتفات لمنظمات عربية – إسلامية حققت حضوراً في الداخل الأميركي، مثل مجلس العلاقات الإسلامية – الأميركية (كير)، وغيرها من المنظمات الفاعلة البعيدة من الارتزاق السياسي. وندقق هل يستحقون الدعم والمساندة؟ وما إذا كانت أهداف تلك المنظمات تتطابق مع آمال العرب بصحوة ضمير السياسة الأميركية المهيمنة في المنطقة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.