وكالات على من؟

للتجارة وكلاء. هناك وكلاء للأجهزة والآلات، مثل السيارات والكومبيوترات إلخ… ووكلاء للأسماء المشهورة من الأزياء و… حتى القهوة. من الأخطاء الشائعة أنه يُطلق عليهم وكلاء لتلك السلع، والحقيقة أنهم “وكلاء على المستهلكين”. حصل كثير من هؤلاء على وكالة “حَصْرِية” على المستهلكين، وتعاملوا معهم كما يتعامل “بعضهم” مع الأيتام، والسبب أن لا وكيل للمستهلكين يَدفع عنهم الأذى والاستغلال والإهمال.
وحتى تكون الصورة أكثر وضوحاً، لا بد من أن نأتي بأمثلة. وقبلها أتذكر أول ما بدأت الصحافة المحلية في متابعة أخبار سحب شركات السيارات في العالم لبعض منتجاتها التي ثبت وجود أعطال مصنعية فيها، وكنت ممن يتابع، كان الرد التلفوني من المعنيين على اتصالات المحررين ينفى نفياً قاطعاً وصول مثل تلك السيارات المعطوبة إلى أسواقنا. حتى تشكلت صورة في الأذهان أن سوقنا “معصومة”، لا يأتيها “التالف” على الإطلاق. وبعدما تنشر الصحف أسماء طرازات السيارات “تلحلحوا” قليلاً، فأصبحوا يردّون بأنه لم يصلهم شيء من الشركة الأم!، ومع استمرار تواصل النشر بما يشكله من ضغط على المبيعات، أصبحوا ينشرون إعلانات صغيرة عن طرازات السيارات المطلوب سحبها من الشركة الأم. هذه النتيجة لم تتحقق بفعل تدخل رسمي من جهات مكلفة هذا الأمر، بل بسبب متابعة الصحافة، وهي متابعة تتراجع أحياناً بفعل طبيعة المهنة، وسطوة الإعلانات، وربما بعض المصالح الضيقة!
أعود إلى حقيقة أن الوكلاء هم وكلاء على المستهلكين، وأضرب أمثلة تشير إلى التهاون والإهمال الذي يصل إلى خطر على السلامة في أقصاه، و”تطنيش” للمشاعر في حدّه الآخر.
شركة رائدة في استيراد السيارات ولأصحابها مشاركات في أعمال خيرية، تبيع للمستهلك سيارة يابانية بعجلات صينية! أقلّ ما يقال عنها إنها رديئة، ولو فتحنا ملف “الترهيم” أو التلفيق والإكسسوارات لوجدنا العجب.
شركة لمقاهي مشهورة أجنبية تحتل أرصفة مهمة من شوارعنا، ويقبل عليها بعض شبابنا، منذ أشهر تنشر أخباراً في “الإنترنت” عن تصريحات لمالكها أو مديرها تقول إنه يدعم الدولة الصهيونية بالتبرعات، وتشير تلك الأخبار إلى أن شعارها له معان دينية معينة، قد تكون هذه الأخبار ملفقة. ربما، ومع ذلك لا يتفضل الوكيل المحلي بالتوضيح للمجتمع الذي يجني أرباحه منه، بل “يطنش”، لأن مشاعر المستهلكين والمرتادين لمحالّه ليست مهمة، المهم ما في جيوبهم.
اسم مشهور من أجهزة الكومبيوتر المحمول، تنشر أخباراً أو رسائل تحذر من خطر انفجار البطاريات المجهز بها ذلك النوع من الكومبيوتر المحمول، وتأتي مع هذه الأخبار صور لوقائع يقال إنها حدثت، ولا حس ولا خبر من أصحاب الوكالة.
ألا تتفقون معي على أنهم وكلاء علينا لا على تلك السلع!؟ إذاً، مَنْ وَكَّلهم علينا يا ترى؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.