لا يمكنك أن تغطي الشمس بمنخل. تذكرتُ “الشمس والمنخل”، وأنا أقرأ ردّ سفير السعودية في سورية على مقال للزميلة ناهد باشطح في صحيفة “الرياض”، حول ما تعرّض له مواطنون سعوديون على الحدود مع سورية وداخل أراضيها مع بداية الحرب الصهيونية على لبنان. وحاولت، ولم أستطع، نسيان مقال لكاتب آخر كتب عن القضية نفسها. لم أستطع نسيان هذا المقال، لأن كاتبه خصص الثلث الأول منه لوصف أحوال المواطنين، في تلك الظروف، وشبههم بما تُشَبّه به “الماشية”، ثم تمدد في بقية المقال، و “تمغّط” لكيل المديح للسفراء السعوديين في سورية ولبنان! مصداقاً للمثل الشعبي اللذيذ “ما يمدح السوق إلا من ربح فيه”!
حتى يكون القارئ في الصورة أنقل جزءاً مُهِماً، مما ورد في ردّ سعادة السفير: “إلاّ أنّ ما لم أجد له مبرراً هو لجوء البعض – لأسباب لا أعلمها – إلى الإساءة لإخوانهم العاملين في السفارة بدلاً من شكرهم على مواصلة السهر والعمل على مدى عشرة أيام متواصلة، ومن دون انقطاع لخدمتهم، وكذلك وهو الأهم جحود الاهتمام والرعاية والعناية النموذجية التي قدمتها حكومة المملكة لتسهيل وتيسير عودة أبنائها إلى وطنهم، معززين مكرمين بوضع نموذجي، لم تشاركهم فيه أي دولة، والواقع والحقائق تؤكد ذلك، وهناك من امتدح بعض الدول في التعامل مع مواطنيها، وإذا حصل هذا فهو يسعدني. وهناك من أشار إلى سفارات معينة بأنها عَرَضَت عليه بأن تحمله تقديراً لظروفه الصعبة، وهذا لم يحدث إلا لمن رغب في أن يذهب إلى دولة أخرى غير المملكة. وأشار إلى التأكد من سفراء الإمارات والكويت والمغرب ومصر وغيرها ممن قدمنا لهم العون والمساعدة، وكانوا هم شاهدين على اهتمام السفارة، ولا داعي لذكر الثناء والمديح الذي كنا نسمعه من مواطني بعض دول مجلس التعاون، وأنهم يتمنون لو كانوا سعوديين”، انتهى.
توقفت عند كلمات ليست كالكلمات، خذ منها، “إساءة “، “جحود”، “العناية النموذجية”! وآخر ما جاء في الاقتباس.. “يتمنون لو كانوا سعوديين”!؟
الإساءة والجحود مرفوضان جملة وتفصيلاً، سواء صدرا من مواطن عادي أو مسؤول. أما “العناية النموذجية”، فبصراحة كبيرة، غص بها فهمي..” ودِّي أصدق”، لكن التراكمات المتكررة عن تعامل السفارات السعودية مع المواطنين جعلتني ” أطمر” مذعوراً كلما حاولت.. مجرد محاولة… التصديق، وتاريخ ما تعرض له، مراراً، مواطنون سعوديون في سورية، مما تنشره الصحف ونوقش كثيراً، من أحداث جنائية، وقبل الاعتداء على لبنان وسلبية العاملين في سفاراتنا هناك تجاهها لا يمكن تغطيته بمنخل… الجحود.
تعامُل السفارة قضية قديمة، والأحداث الأخيرة فجّرتها، فقط لا غير، أمّا الغصة الثانية والأكبر، فهي قول سعادته عن تمنى بعض مواطني دول مجلس التعاون “لو كانوا سعوديين”، ولأني “غَصّيت” ولم أستطع التعليق! أحتاج إلى جرعة ماء لأكمل غداً.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط