سفارات وتأشيرات (2-2)

الواقع الذي شاهده المتابع عن بعد، في قضية المواطنين الذين علقوا على الحدود في بداية الاعتداء الإسرائيلي على لبنان… يقول إن سفاراتنا ليست لديها خطط للطوارئ، وإن السفارة السعودية في سورية تحركت متأخرة، ولما بلغ الصياح مداه وكَثُر، طالبوا النجدة من العالقين على الحدود، ولما توسعت الصحف في النشر، تحركت السفارة فكأن الإمساك بزمام النشر الإعلامي “الإيجابي” إحدى أولوياتها.
لا يعقل أن يكون كل هذا الكم من الشكوى نتيجة للجحود، ورغبة في الإساءة! في مثل هذه الظروف لا يطلب المضطر سوى المساعدة المكلف بها موظف السفارة، والتي هي من صميم عمله، بل ربما يكتفي بالابتسامة والمشاركة العاطفية، وتسهيل مرور أوراق في بلد معروفة أوضاعه، فكيف يمكن أن يتحدث أحد عن إساءة وجحود! يا سعادة السفير الحقيقة أن السفارة في حاجة للإصلاح من الداخل.. خصوصاً في التعامل مع حاجات المواطنين ومع “الزوابع السياسية” التي تعصف بالعلاقات العربية – العربية.. حالياً، تصبح حاجتهم أكبر وأكثر إلحاحاً، وهنا أهدي لسعادة السفير الخبر الذي نشرته “الحياة” الأسبوع الماضي، وأشار إلى قيام نصاب “مواطن” بتزوير 75 تأشيرة لعمال سوريين دخلوا بها السعودية، بعدما تورطوا وشكوا الحال والخسارة التي تعرضوا لها لصحيفة “الحياة”، فهل يمكن لسعادة السفير أن يفيدنا عن هذه الحادثة؟ وكيف حصلت؟ وهل حققت السفارة في ملابساتها؟ وما النتائج؟
ولأن شر البلية ما يضحك، فلا بد أن نستعرض رد وزارة العمل على صحيفة “الحياة”، وهي تعالج قضية النصب في التأشيرات على العمال السوريين. قالت وزارة العمل: “نحقق في الفترة الحالية في عدد من قضايا التأشيرات المزورة، ومن بينها قضية السوريين، لمعرفة أوجه الخلل التي أدت إلى تزوير التأشيرات، وحصر المتورطين في عملية التزوير. وأكدت تراجع قضايا التأشيرات المزورة في الفترة الأخيرة، خصوصاً أن الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية جعلت مسألة تزوير التأشيرات بأنواعها أمراً بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً”. انتهى.
سبحان الله.. تناقض في أسطر قليلة، هي تحقق في عدد من قضايا تزوير التأشيرات، ومنها قضية 75 تأشيرة، لمعرفة أوجه الخلل، ثم تعود لتقول إن قضايا التأشيرات المزورة تراجعت، خصوصاً أن إجراءات الجهات المعنية جعلت التزوير بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً! يظهر لي أن المزورين أصبحوا متمكنين من تحقيق المستحيل! ما يدعوني لأقترح أن يستفاد منهم “مثل قراصنة الانترنت”، فيساهمون في حل معضلة توظيف الشباب!
السؤال الآخر للجهات المعنية: كيف تم السماح لأصحاب تأشيرات مزورة بالدخول إلى البلاد، خصوصاً أن الإجراءات المتخذة جعلت التزوير بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً؟… للأسف بعض الردود الرسمية تحاول تغطية الشمس بمنخل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.