إذا أصيبت اليابان بعين حاسدة.. مركَّزة ساخنة “تطيح الطير من السماء” فربما تكون عيناً أو عيوناً عربية. السبب كثرة طرح تجربة اليابان كنموذج للنجاح، والوقوف على الأرجل، بعد هزيمة ثقيلة واحتلال أميركي.
طبعاً لن أشير للموزعين والمروِّجين العرب الذين حاولوا تسويق “مخدرات الحلم الأميركي”، عندما زينوا الغزو الأميركي – البريطاني للعراق بدعوى تحويله إلى “يابان العرب”. لم “يَتَيَبَننْ” العراق، بل تمت “صوملته” ليصبح “الصومال الجديد”، الفرق أن الإعلام لا يهتم بالصومال قدر اهتمامه بالعراق، والأسباب معروفة.
آخر استشهاد بالنموذج الياباني جاء من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، إذ “وبخ” الزعيم شعبه، لأنه شعب غير منتج، فهو لا ينتج شيئاً يفيد الناس! يبيع النفط ويستهلك كل شيء مستورد! وجاءت “عين” الزعيم على النموذج الياباني: فلماذا لا تصبح ليبيا “ياباناً” أخرى؟!
لو قيل لمواطن عربي إن بلادك ستصبح مثل اليابان، بشرط أن تصبح أنت مثل الياباني لرفض. لا أقصد أن تصبح عيناه صغيرتين وشعر وجه خفيفاً، خصوصاً الشارب والدقن! بل أقصد أن يكون ذلك المواطن بمثل التزام الياباني بالإنتاج، وتقدير قيمة الوقت على الطريقة اليابانية. العربي يقدِّر قيمة الوقت فقط عندما يكون آخر شخص في الطابور، أو حين يكون ممتطياً سيارته. غيرها “يفتح الله”. الساعات من أدوات الزينة والمفاخرة.
لكن.. انتظروا لحظة، فلست أنوي “توبيخ” الشعب العربي، فيكفيه أنه يوبخ نفسه كل يوم. هناك أمر خفي في القضية لا يُطرح ولا يُشار إليه. اليابان ليست شعباً ملتزماً فقط، بل حكومة وقيادة. والمعادلة سهلة.. إذا تم الحصول على حكومة مثل حكومة اليابان سيتم الوصول إلى بلد مثل اليابان، مع احتفاظنا بعيوننا السود الواسعة، وشعر وجوهنا الكثيف، والمشكلة أن حكومة اليابان أعطت نماذج يصعب على المسؤولين العرب الاقتداء بها. الإمبراطور منصب شرفي، والحكومة يمكن إقالتها. ليس هذا فحسب، بل لديهم وزراء ورؤساء وزارات شجعان، “كاميكازي” سياسي، لا يتردد بعضهم في الانتحار بسبب كارثة نتجت من خطأ جهة يتولى إدارتها، والذين لا يفضلون الانتحار يستقيلون أو يقالون ويلاحقون قضائياً.
ولأن الانتحار محرم شرعاً في دين الإسلام، الذي يدين به غالبية المسؤولين العرب، فلابد من استبعاده كخيار أو “باذنجان” إن أحببت. المواطن العربي حتى يصبح مثل الياباني راضياً فقط بالاستقالة والمساءلة.
يوبخ الزعيم شعبه، لأن التوبيخ جسم صلب “تشفطه” الجاذبية بقوة ساحقة، لذا لا يأتي إلا من فوق ليقع على رأس “اللي تحت”. يوبخ الزعيم شعبه لأنه غير منتج، فهل يستطيع مواطن ليبي أن يسأل الزعيم: ماذا أنتجت أنت طوال عقود؟!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط