“حكاكة” المراقبين

صور مراقبي البلدية التي تنشر مع بيانات عن عدد الجولات الرقابية.. تلك الصور “تونسني”، فأجلس أتفحصها ملياً. وفي صور نشرتها “الرياض” أمسك المراقب بقدر معدني. لفتت نظري لوحة سريالية تكومت في قعر القدر… جلست أتأملها طويلاً، تذكرت “الحكاكة” وهي ما يبقى “ناشباً” في قعر القدر، فعلى رغم كثرة “الحك” تبقى آثاره مخلفة لوحات معبرة، ربما عن عدد الأفواه والبطون.
الخبر قال إن المراقبين الصحيين في بلديات الرياض زاروا 60 ألف منشأة خلال الصيف، وهي منشآت لها علاقة بالصحة العامة، فإذا علمت أن عددهم 200 مراقب، وبحسبة بسيطة، يمكنك التخمين عن نوعيات هذه الزيارات.
العجيب أن صور المراقبين لا تظهر إلا وسط محال أو مطاعم معقولة الشكل.. الحكم بمعقولية الشكل أساسه ما يظهر في الصور المنشورة، لكن عندما تكون الصورة ناتجة عن بلاغ لمواطن تختلف جذرياً. في صفحة أخرى، تروي لنا الصحيفة كيف أبلغها مواطن عن اكتشافه غرفة تفتيش كبيرة لـ “بيارة” – أعزكم الله – وسط مطعم المندي، وتم إكمال “الناقص” بصورة لعامل المطعم وهو يحرك البيارة “بالملاس” أو المغرفة. لست أدري أيهما!
هل كان العامل يبحث عن نكهة معينة أصبحت “تنكه” عدد من أحياء الرياض… وبحكم أنني أحاول “تغصب ابتسامة متلطمة”… أترككم مع رواية المواطن.
“المواطن… اتصل بالجريدة ونقل هذه المعاناة وقال إنني أحضر لهذا المطعم بشكل مستمر نظراً إلى جودة الطعام. وفي أحد الأيام، ومن محاسن الصدف، آثرت أن أرى كيف يعمل المندي لديهم، ولكنني صعقت من هول ما رأيت. فالمطعم يكاد يفتقر إلى أقل درجات النظافة. ورأيت العامل يفتح البيارة الواقعة وسط مطبخهم ويحرك الزيوت والمجارى بملعقة كبيرة تستخدم في الطبخ. لم أتمالك نفسي وخرجت من فوري لأصاب بغثيان شديد من هول ما رأيت. وبعد أن تمالكت أعصابي توجهت إلى العمالة الموجودة، وسألتهم عما رأيت، فلم أجد جواباً لسؤالي. ذهبت من فوري إلى البلدية. ولكن لم أجد أحداً يستجيب لشكواي فحضرت إلى الصحيفة”.
“ياربي” يحضر للمطعم بشكل مستمر نظراً إلى جودة الطعام! قال “وذهبت من فوري إلى البلدية ولكن لم أجد أحداً يستجيب لشكواي”، أكيد لن تجد أحداً… “فاضين لك”… كانوا في طلعة لمراقبة 60 ألف منشأة لها علاقة بالصحة العامة.
المواطن شعلان الشمري من سكان حي السلامة في جدة يذكر في رسالته أنه لم يتمكن من الفرح بتزفيت بعض شوارع الحي شهراً واحداً حتى أناخت آلات الحفر وشقت بطون هذه الشوارع. التزفيت – يا عزيزي – أصلاً لتسهيل وصول هذه الآلات والمعدات وليس لتنعم به، ويختم بنكته: “يقال إن عروس البحر الأحمر تطلقت… أما السبب فهو البلدية”!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.