لماذا تذهبون؟

يتحاشى بعض السعوديين الاتصال بسفارات بلدهم في الخارج، السبب صورة نمطية لدى بعض العاملين في بعض تلك السفارات، هذه الصورة ملخصها أن الزائر السعودي “راعي مشكلات”، يصنف إلى فئتين إما “داشر” أو “متسول”، بل إن بعض المواطنين إذا كان لا يعرف أحداً من العاملين معرفة شخصية فإنه، يحرص على عدم المرور بالشارع الذي تقع فيه القنصلية! ولا ألومه!
قلت في مقال سابق إن “الزوابع السياسية” بين الدول يدفع ثمنها المواطنون، خصوصاً في البلاد التي تستبد بها أنظمة شمولية. وفي معرض تعليقي على توضيحات سفير السعودية في سورية حذرت من هذا، وقلت إنه في هذه الأحوال تصبح حاجة المواطن لخدمات السفارة أكثر إلحاحاً. وأثناء كل صيف، وفي نهايته، تتسرب أخبار عما يتعرض له السعوديون من السيَّاح في سورية. هذا النوع من التعامل مستمر، يزداد في فترات، وينخفض في أخرى. ومع نهاية الإجازة، نقرأ الأخبار الجديدة – القديمة للتعامل مع السائح السعودي في سورية “العروبة”! والغائب عن صورة هذه الأخبار هو سفارة “العناية النموذجية”.
نشرت صحيفة “الوطن” (الجمعة) حواراً مع مواطن سعودي كشف ظهره للصحيفة ليبين آثار الضرب والتعذيب اللذين تعرض لهما من السلطات السورية، والتُّهم جاهزة. يروي المواطن “المضروب على ظهره” أن مواطناً سورياً سبَّ السعودية، فحدث شجار بينهما. وبعد نصف ساعة دهمت الشرطة سكنهم وتم “ضفهم” جميعاً بمن فيهم الخادمة، والتهمة الجاهزة هي “الدعارة”! والقصة طويلة ولا تختلف عن سابقاتها: إهانة وضرب وسباب، ثم ابتزاز مالي لينال المتضرر حريته المسلوبة، ويكتشف لاحقاً أن حاجاته سرقت، ولا يجد أية مساعدة من سفارة مكلّفة من خادم الحرمين الشريفين بنجدة أبنائه المواطنين. هذه هي “العناية النموذجية”، نهدي هذه القصة لسعادة السفير السعودي في سورية، قلب العروبة النابض.
فهل تتوقعون أن تحقق السفارة في هذه القضية وغيرها من القضايا، وتعيد مسروقات المواطنين والمبالغ التي أجبروا على دفعها؟… الجواب لا، فالمواطن “جدار قصير”.
هل تعتقدون بأنها ستطالب السلطات السورية بتقديم اعتذار؟… الجواب… لا، فالمواطن تعود “كل واحد يصلح سيارته”! المواطن دائماً على خطأ. أبسط الردود “وش جايبك”! هل تعتقدون بأن وزارة الخارجية السعودية ستتحرك، كما تتحرك وزارات الدول التي تحترم مواطنيها؟ الجواب: لا، والتاريخ يشهد.
المواطن فعلاً على خطأ. فقد صدق مقولة “أرفع راسك أنت سعودي”، ولأن السفارات لا تقوم بواجباتها إلا “للمعارف”، فإنه على خطأ عندما يذهب إلى سورية، فلماذا تذهبون؟ هداكم الله. بلاد الله واسعة، وقليل منها يموج بالابتزاز وإهانة الضيوف، توقفوا عن الذهاب، وصفوا أملاككم قبل أن تتم تصفيتها أو تصفيتكم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.