ما إن نشر مقال “سفارات وتأشيرات” بجزئيه حتى وصلتني كثير من التعليقات، لا تشير أبداً إلى أن هناك عناية نموذجية، كما قال سفير السعودية في سورية. أحد الإخوة الذي وصل أخيراً من سورية يحكي عن صعوبة الدخول إلى القنصلية السعودية في دمشق من دون معرفة أو تسهيل! ومما ذكره حال مكتب العلاقات في القنصلية: مساحة صغيرة، وعدد كبير من المراجعين، ومعزوفة “راجعنا بكره” تُنشد هناك مثلما تُردد هنا. لعل سعادة السفير يقوم بزيارة مفاجئة لهذا المكتب ليطلع عن كثب على العناية النموذجية!
لكن سفارة السعودية في سورية ليست حالة فريدة. أنظر ما نشرته “الرياض” الأربعاء الماضي عن السفارة السعودية في الإمارات. في قضية تعامل سفاراتنا مع مواطنينا لا يحتاج الصحافي إلى البحث. المتضررون هم من يذهب للشكوى إلى الصحف.
وملخص قصة المواطن أنه تم سجنه 21 يوماً للاشتباه في استخدامه لشريحة هاتف نقال ابتاعها قبل سنتين وفقدها، ثم استخدمت من مجهول بصورة غير قانونية. وعلى رغم أن السفارة بُلًّغت بوضعه، وعلى رغم إرساله فاكساً لها، وعلى رغم ذهاب بعض أقاربه للسفارة “للتعقيب”! لم يتحرك أحد. هنا يطل سؤال برأسه: إذا لم تقم السفارات بملاحقة ومتابعة قضايا مواطنيها في الخارج من الذي سيتولى ذلك؟ مكتب خدمات مثلاً؟! المهم بعد أن ثبتت براءة المواطن سلطان السبيعي ذهب بنفسه للسفارة ليسأل عن سبب الإهمال، الرد البارد كان أن قضيته أحيلت للمحامي الذي تتعامل معه السفارة. ذهب إلى المحامي فقال له إنه كان مشغولاً ونسي القضية! ووعده بأن “يخدمه في المرات الجاية”!
هل خبرت محامياً يركض وراء قضية من دون وجود أحد يركض وراءه؟ ماذا ستفعل السفارة بمكتب المحاماة ذاك؟ ومن يعوض المواطن عن فترة سجنه و”البهدلة” التي ألمت به؟ ليس رجماً بالغيب – معاذ الله تعالى – ولكن أتوقع ألا يحدث شيء يذكر. سيستمر المحامي بأسلوب تسليم المفتاح، ويصبح لدى السفارات عذر “أحلنا قضيتك على المحامي”… المسؤولية تنتهي عند هذا الحد؟!
أنظر كيف طبقت تعليمات وزارة الخارجية التي صدرت للسفارات منذ فترة. كانت هذه التعليمات كالآتي: “توفير خطوط هاتفية لاستقبال شكاوى المواطنين، وتخصيص فاكس يمكَّن المواطن من تسجيل جواز سفره، وتوفير خدمة الاستشارات القانونية المجانية لخدمة السعوديين ومساعدتهم والدفاع عنهم”.
الفاكس يستقبل، وتتم الإحالة، والمحامي مشغول، والعقد ساري المفعول، ويأتي من يقول “بعض رعايا دول مجلس التعاون يتمنون لو كانوا سعوديين”… “تبون الصراحة”، بالفعل يمكن أنهم يتمنون ذلك، لسبب وحيد، وهو أن يعلموا ما هي قيمتهم عند سفاراتهم، ويسجدوا لله شكراً.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط