الشيطان الأزرق… غير!

هل يجرؤ أحد على التفكير باستيراد الشيطان الأزرق إلى بلاده؟ الجواب نعم، والمستورد هو أمانة محافظة جدة و “الشيطان الأزرق” أحد الأسماء التي تطلق على نبات “ورد النيل”. وقبل أسابيع أرسل إلي احد القرّاء خبراً عن اعتزام أمانة جدة استيراد “الورد السوداني”، ولم أكن اعلم أنه اسم آخر لورد النيل الشهير، فقرأت الرسالة للعلم فقط مثل كثير من الرسائل. غرض استيراد هذا “الشيطان الأزرق” هو مكافحة البعوض وتجفيف بحيرة الصرف الصحي، التي مازال الإعلام وبعض أهالي جدة يصرون على تسميتها بحيرة “المسك”! أي “مسك” يا جماعة؟ ومثلما تشوه رائحة المسك نحن نعيش خطر وباء بيئي مقبل من جدة، واستوردته “أمانة” جدة. معاناة السكان على ضفاف النيل مع نبات ورد النيل مشهورة ومعروفة، وتحفل بها الصحف المصرية منذ أن وعينا على قراءتها، فكيف تسمح أمانة جدة لنفسها باستيراد خطر بيئي؟ لنقرأ للمتخصصين، صحيفة “الحياة” نشرت تحقيقاً عن الموضوع، قال فيه الباحث البيئي الدكتور فهد تركستاني، إن “ورد النيل” مشكلة تهدد المجاري المائية في 50 دولة من بينها دول حوض النيل، وعلى رغم قدم المشكلة لم تنفع كل الحلول التي جربت للقضاء عليها نهائياً، ويضيف الباحث، ورد النيل الذي استوردته بلدية جدة مكان خصب لإيواء قواقع البلهارسيا والزواحف والثعابين.. وجالب للبعوض!
 خطر في بالي أن بعوض جدة… غير! محافظة تعاني من البعوض فتستورد أمانتها نباتاً يجلب البعوض؟ ربما يجلب بعوضاً من نوع آخر يفتك بالبعوض المحلي… لست أدري، هل يضحك الإنسان أم يبكي على جهاز بهذه الضخامة يفكر بمثل هذا الحل؟ تذكر أنه تم رصد بلايين للقضاء على مشكلة الصرف الصحي وبعوض الضنك وبحيرة الروائح النتنة، فهل تطمئن عزيزي القارئ الى أن هذه البلايين تصرف في مكانها الصحيح، وأنت ترى من يكافح البعوض يستورد نباتاً يجلب البعوض! وعلى بعد “رمية حجر” بلاد النيل التي عانت منه طويلاً ومعلومات عنه منشورة في كل مكان؟!
في تقرير “الحياة” خبر إيجابي: ان محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد أمر بإيقاف استيراد هذه “الوردة” الشيطانية، هذا إجراء حكيم، ومطلوب إتلاف ما استورد منه من جانب لجنة مستقلة، والأهم محاسبة من استورده! يوضح مستشار هيئة الأرصاد وحماية البيئة الدكتور سمير عيوني أن هناك ضوابط وقوانين تمنح الهيئة الصلاحية في مقاضاة أي فرد أو جهة حكومية، تعمل على الإخلال بالبيئة، هذا أمر جيد، “طيب يا دكتور، ليش منتظرين؟!” ارفعوا قضية على أمانة جدة والمسؤول الذي قرر جلب الشيطان الأزرق متجاوزاً كل الجهات المختصة، استخدموا هذه الصلاحيات بدلاً من التلويح بها.