تخصصات أم “تخرصات”؟

يظهر أن الوضع الطبي في البلاد مرشح لمزيد من التردي، فهاهم أصحاب المنشآت الطبية الخاصة يستنجدون لفك التعطيل الحاصل لمنشآتهم. والقصة أن الهيئة السعودية للتخصصات الطبية أوكلت مهمة تقويم الكوادر الطبية المراد استقدامها إلى شركة أميركية، بحيث تقوم هذه الشركة بإجراء اختبارات التقويم في البلاد التي تنتمي إليها الكوادر الطبية، وهذا إجراء حكيم، بدلاً من استقدامهم ثم تقويمهم. إلا أن الشركة – واسمها “برومترك” – لم تقم بواجبها كما كان مفترضاً، فلم توفر مقاعد اختبار كافية، واشترطت تسديد الرسوم بالبطاقات الائتمانية. أيضاً لم تقم بحملة إعلانية في أوساط المستهدفين من الكوادر الطبية، هناك في بلادهم. و “ضاعت الطاسة”. وفي تقرير لجريدة “الاقتصادية”، قال أحد رجال الأعمال المتضررين إن الهيئة رفضت إرسال فريق منها إلى الدول التي تجري اختبارات التقويم فيها، للوقوف على الأوضاع. وبرّر الرفض بعدم الحاجة.
أنت وأنا نعرف أنه عند إيكال أمر إلى شركة متخصصة لا بد من مراقبتها والإشراف عليها، فلا يكفي أنها متخصصة أو أميركية أو مشهورة. التبرير بعدم الحاجة وعدم المتابعة – كما فعلت الهيئة – كان من أسباب المشكلة المتفاقمة.
ونعلم جميعاً أن هناك نقصاً في الكوادر الطبية، وهناك منافسة شرسة على الجيد منها، هذا يقودنا إلى سؤال عن النتائج المتوقعة، وهل سنشهد تردياً آخر في أوضاع القطاع الطبي الخاص، يُبَرّر بعدم وجود كوادر، وتتحمله تأخيرات هيئة التخصصات الطبية. من الواضح أن كثيراً من القضايا والاختناقات سببها الإدارة. لدينا مشكلة إدارية: توضع تنظيمات ولا يتم الاستعداد والإعداد لتطبيقها. وتوكل مهام إلى شركات بعقود وأتعاب، ولا يتم الإشراف عليها، فيتضرر أصحاب الشأن، والمستفيدون من خدماتهم، ولا يجدون ملاذاً يحكون معاناتهم له سوى الصحف!

“مليون في شنطة”
توقفت مبتهجاً عند أمانة موظف. فهد بن صالح السبيعي يعمل موظفاً في جمارك جسر الملك فهد، وجد حقيبة بداخلها مبلغ يفوق مليون ريال فقدها شخص يحمل الجنسية الأيرلندية ويعمل في شركة أسمنت سعودية. شكراً لفهد، وشكراً لمن قام بتكريمه، وفي مقدمهم نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير جلوي بن مساعد.
لكنّ هناك سؤالاً “مَشْروعاً” يستغرب حمل شخص مبلغاً بهذا الحجم في حقيبة، ويعبر “الجسر” إلى البحرين، ونحن نعلم الإجراءات المشددة في حركة الأموال، ونعلم دور البنوك. تخيل لو كان هذا الشخص سعودياً ماذا سيحدث له؟ وإلى أي أنواع التحقيق سيتعرض لها؟ ربما نقرأ في الصحف عن “القبض على مواطن يحمل مليون ريال كاش”! ننتظر توضيحاً من شركة الأسمنت المعنية بالمليون، ومن مصلحة الجمارك، عملاً بمبدأ الشفافية، ولأن القصة المنشورة غير مكتملة، وتثير كثيراً من الأسئلة؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.