تخصص في “كل شيء”!

هل تصدق أن “كل شيء” أصبح تخصصاً مستقلاً في بلادنا؟ لا بد من أنك ترى الجملة غير مستقيمة! ربما تجدها غير مفيدة، فكيف يكون “كل شيء”.. تخصصاً؟! العادة يكون التخصص في شيء واحد أو حتى جزء منه، إنما هذا هو الواقع. “كل شيء” هي محال للبيع تجد فيها “كل شيء”، من البنادول إلى التحف، ومن الدفاتر المدرسية إلى مُنَعِّم الغسيل برائحة الخوخ، وباعتها تجد فيهم “كل شيء” أيضاً!
بدأت هذه المحال بأسماء “كل شيء بريالين” ثم أصبح “كل شيء بخمسة وعشرة”، ولن تجد في داخلها أن كل شيء بالسعر نفسه، ثم تطورت نوعياً في لوحاتها، بعد تطرق خفيف لأحوالها على صفحات الصحف. فلم يعد يحدد السعر على تلك اللوحات، في حين استمر وجود “كل شيء” تحت السقف. هذه الظاهرة تخبرك عن واقع الأحوال التجارية في السعودية، ففي حين تطبق شروط على المكتبات، فإنها لا تطبق على “كل شيء”، وفي حين تطبق على دكاكين الأواني المنزلية، فإنها لا تطبق على “كل شيء”. هي ليست فوق النظام، لكنها ليست تحته! إنها حالة هلامية تخبرك عن الأحوال وعن غير المحال، ولأنها تخصصت في “كل شيء”، فإنك تجد فيها المنتجات المقلدة، والمنسوخ غير الشرعي من أفلام وأشرطة، في إعلان سافر عن موت حقوق المؤلف والمنتج وصاحب العلامة التجارية، كل هذا تحت بصر ونظر وزارات الإعلام والبلديات والتجارة. ولا أغرب من نشأتها إلا سرعة انتشارها ومنافستها للكل، فهي تضع بين يديك “كِلِّشْ”، وليس أغرب من أوضاعها إلا سيطرة عمالة معينة محددة عليها، تأتي من الحدود مباشرة إلى تحت سقف “كل شيء بريالين سابقاً”!
ويشتكي تجار صغار من أن هذه المحال تبيع بعض البضائع بأسعار تقل عن الكلفة، ويتساءلون كيف يمكنهم ذلك؟ ومن الذي يزودهم بهذه الكميات الكبيرة من السلع المتنوعة؟ وكيف يربحون؟ ونحن وإياهم تساءلنا منذ بداية هذه الظاهرة، ولا مجيب؟ ويظهر أننا لن نجد جواباً، فكأن هناك لغزاً عصياً يشبه لغز حقيبة المليون المفقودة على الجسر لصاحبها الأيرلندي الجنسية.
معك صرف!
أصبحت “الفكة” من الأوراق النقدية الثمينة في الأسواق والتعاملات. والسبب أن هناك نقصاً واضحاً في الأوراق النقدية من الفئات الصغيرة، من فئة الـ50 ريالاً وما تحت. مصدر السيولة الرئيسي تركز في آلات صرف النقود، وهي لا “تلد” أقل من مئة ريال، مؤسسة النقد، المشغولة حالياً بموضوع “سك العملة الجديدة”، مطلوب منها أن تعطي هذا الأمر الأهمية، وحتى لا نصل إلى يوم يذهب فيه الناس إلى المؤسسة سائلين: عندكم صرف؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.