عودة إلى “المناشير”

بعد مقالي “اضحك على البنوك”، وصلتني ردود وتعليقات، بعضها من عملاء للبنوك، وهو أمر مفهوم، وغالبيتها يدخل في قولهم “الضرب في الميت حرام”، والمشكلة أنه ليس ميتاً، فإن للميت حرمة، بل هو في كامل صحته وعافيته، وهو يكاد في مشيته يتعثر “بلغلوغه” الذي يسحبه أمامه من فرط الأرباح وعصمته من الباطل الذي لا يأتيه من أي جهة، فلم يسبق أن أعلن عن اقتصاص حق واحد منه! ومن المضحك أن بعض موظفي البنوك تحصل لهم أخطاء، مثلما يحصل للعملاء، خصوصاً عند السحب من أجهزة الصراف فيتم تكرار السحب ولا تصل المبالغ إلى الساحب، بل تبقى معلقة في “الشبكة السعودية”، وقد يكون السبب تقنياً أو بشرياً، مثل أن يكون الموظف المسؤول عن رد المبالغ المسحوبة خطأ، “لك عليه”! ويطلب منهم الانتظار لأيام تتحول إلى أسابيع، هذا وهم من “حمام الدار”! فكيف بالغافلين خارج البنوك، ويقول لي احد البنكيين إن البنوك تحولت إلى “شلل”، والمشكلة أنه ليس لغالبية العملاء صاحب في تلك “الشلل”، لذلك لن يلتفت احد منهم إلينا، ولم يذهب الناس إلى البنوك ويودعوا أموالهم لو لم تكن مرخصة من مؤسسة النقد السعودي، المكلفة من الدولة بحماية المودعين من أية خطأ متعمد أو غير متعمد، وهو ما يعني حماية الاقتصاد الوطني والثقة به التي أرى أنها في خطر، والحقيقة أن العملاء أصبحوا مثل أبناء الجارية عند المؤسسة، فهي لا تمل من تكرار المديح للنظام البنكي السعودي، على رغم ان الواقع يخالفه، ومن عبرة تاريخية يتوقع المرء أن الوضع سيبقى على ما هو عليه فتتراكم المشكلات، ثم نفاجأ باعتراف ضمني وتوقيع عقد مع شركات للتحديث والتطوير، “بعد الهنا بسنة”، مثلما حصل لنظام تداول. ألا يكفي كثرة العقبات والتلاعب في  تداول الأسهم، وقضايا المحافظ الاستثمارية، ومشكلات آلات الصرف ونظام نقاط البيع، ولكن “لا حياة لمن تنادي”، ولست أنا من يقول هذا، بل هو الانطباع عن مؤسسة النقد، فهل يلتفت مسؤولوها ليحاولوا حفظ ماء الوجه، أم أن بعضهم سيصرح بأن “البنوك في وضع مطمئن بل ممتاز”! ويتوقف عند هذه النقطة متحاشياً أحوال المودعين، وكأن مسؤوليتهم تتوقف عند باب البنك!
وأرسل لي المواطن الأمين الأخ عبدالله بن فايز الأشول الشهري، الذي وجد مفاتيح آلة الصرف، موضحاً أنه انتظر ثلاث ساعات مع رجال الشرطة ولم يحضر مندوب من البنك لاستلام المفاتيح! ثم قام بتسليمها للشرطة، وهو يستغرب ألا احد من البنك اتصل به ليقول له شكراً، بذمتك يا عبدالله البنوك التي لم تقدم الشكر لمجتمعها الذي تنهل منه الأرباح هل ستقدمه لك؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.