“أبسط يا عم”

ما العلاقة بين سوق الحمام والألعاب النارية؟ أترك الإجابة لكم مع وفر من الخيارات إلى حين. أصرت سوق الحمام في الرياض على أن تحتفل بعيد الفطر على طريقتها، ومن باب “جحا أولى بلحم – شرخه أو ثومه”، وهي من أسماء الألعاب النارية. امتلأت سماء سوق الحمام أول أيام العيد بالألعاب النارية، حريق وصف بالهائل فجر المخزون الاستراتيجي من الألعاب النارية، واحترقت سيارات و “بسطات” وُصفت بأنها غير نظامية! أعجبت بهذا الوصف “بسطات غير نظامية”، لا بد أنها  نشأت من قولهم “أبسط يا عم”!، ولا أكثر من انبساط تجار الألعاب النارية لأسباب كثيرة، منها أن بضائعهم سريعة التلف، وإحراقها أو مصادرتها تدفع المستهلكين  لطلب المزيد. كما أنهم من مواقعهم يستطيعون المشاركة في الانبساط مع المستهلكين، عملاً بالقول المشهور، “انفجري أينما شئت فثمنك قد وصلني”!
ولديهم ميزة نسبية: أن تسويق بضائعم يسهم فيه – بصورة أو بأخرى – جانب رسمي تحت وقع العروض الاحتفالية. ولعل من المناسب ذكر “الموضات”، الألعاب النارية أصبحت من سمات الاحتفالات بالأعياد، انتقل الأمر من المدن إلى المحافظات والمراكز، وقبلها المهرجانات السياحية، وقبلها المجسمات الجمالية من المباخر إلى النوافير، فيكاد الأمر يصبح عرفاً أو تقليداً، في جانب منه شكل من أشكال “المجاكر”.
لكن ما العلاقة بين سوق الحمام والألعاب النارية؟ تمثل سوق الحمام أحد الأبواب الخلفية للمجتمع، دخوله والتمعن في تفاصيله يخبرك عن أوضاع وآفاق شرائح متعددة من ذوي الدخل المحدود، وجزء مهم من الشريحة المتوسطة. هو عالم آخر تلونه الصبغة الموسمية “من الشروخ إلى الفقع”. استيطان باعة التجزئة للألعاب النارية فيه ليس أمراً جديداً، هو أمر معلوم للجميع، بما فيها السلطات الرقابية من بلدية وأمنية، وهو تماثل – مع عناصر الاختلاف – مع أسواق أخرى. خذ سوق المال وتوظيف الأموال، والكر والفر بين الكبار والصغار ولعبة القط والفأر.
 حتى الآن لم نصل إلى إجابة على السؤال عن العلاقة بين سوق الحمام والألعاب النارية، باختصار أنه الهدف، المستهلك،  وهم هنا الأطفال، وإذا تذكرت كثرة صراخ “أطفال” الأسهم وتوظيف الأموال ورسائل النصب الهاتفية وغيرها، من قضايا يلفها الضباب والصمت لا بد أن تتذكر، في الكفة الأخرى من الميزان، الهوامير المعلن منهم والمخفي، إلى أن تصل إلى هوامير الألعاب النارية، وما حدث هو رسالة أخرى. إصرار سوق الحمام، وبطريقتها الخاصة، على المشاركة في الاحتفالات هو تعبير جديد عن حال من الاحتقان.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.