من الأخبار اللافتة التي قرأتها أخيراً، عزم معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج على تنفيذ دراسة تفصيلية عن واقع الجاليات غير العربية في مكة المكرمة، اجتماعياً وأمنياً، والهدف – كما ذكر الباحث الرئيسي الدكتور محمد بن علي الشريف لصحيفة “الرياض” – هو “استطلاع وضع الأقليات غير العربية من النواحي السكانية والاجتماعية والأمنية والبيئية، ومن ثم تحليل هذه الأوضاع باستخدام الأساليب الإحصائية، ومحاولة حل العوائق التي تقف أمام الأقليات، والقضاء على المشكلات الأمنية والاجتماعية، وتحسين الوضع الاقتصادي للجاليات، مع الإفادة منهم في المشاريع العمرانية والتنموية الكبيرة في العاصمة المقدسة”.
نحن في حاجة لمثل هذه الدراسة ليس في مكة المكرمة وحدها، بل في مختلف مدن المملكة. ولنبدأ بالمدن الكبيرة. الأحياء العشوائية أو القديمة التي استوطنتها هذه الجاليات موجودة أيضاً في مدن أخرى، لكنها في العاصمة المقدسة تظهر بصورة أكبر. لا بد من التعرف على واقع هذه الجاليات التي أُهْمِلَتْ ملفَّاتُها فترةً طويلة، ونشأت أجيال من أبنائها بيننا داخل أسوار اجتماعية ارتضيناها.
المعهد أيضاً نفذ دراسات، أكدت نتائجها وجود عصابات دولية لتوريد المتسولين للسعودية. عميد المعهد الدكتور أسامة البار كشف لصحيفة “الحياة” عن تخلف أكثر من نصف مليون معتمر خلال خمسة أعوام فقط.
أتذكر ما قيل ونشر عن دراسات أو أبحاث “من جهات أخرى”، قبل سنوات قليلة، حاولت التهوين من قضية التسول، فكان هم القائمون على هذه الدراسات “التزيين والتجميل”، ليصلوا إلى نتيجة كانوا قد قرروها مسبقاً، ويعتقدون أنها ترضي المسؤولين وهي أنه لا وجود لظاهرة تسول. وقد علقتُ عليها في حينها، وهذه الإشارة محاولة مني للتنبيه إلى أنه ليس كل ما يقال عن دراسة وبحث هو في الحقيقة دراسة وبحث، وليس كل دكتور أو باحث دكتوراً أو باحثاً حقيقياً. نسبة مهمة من مثل هذه الأعمال تُصنَّفْ تحت عنوان “الأكاديمية المظهرية” أو “الإكسسوارات الأكاديمية”.
الدكتور أسامة البار وضع النقاط على الحروف في قضية عصابات التسول الدولية التي تستهدف المملكة من خلال مواسم الحج والعمرة، عندما حدد الجهات المسؤولة في الداخل عن السماح لهؤلاء بالعبور، فوضع وزارة الحج في المقدمة، بوصفها المعنية بنظام العمرة، تليها وزارة الخارجية المعنية بالشؤون القنصلية. اشكر الدكتور أسامة والعاملين معه في المعهد، وأطلب منه أن يقوم المعهد بإعداد دراسة عن الأوضاع في مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد تطبيق نظام العمرة المفتوحة، وإشراف وزارة الحج عليه، وما السلبيات مقارنة بالإيجابيات؟ وإلى أين أوصلنا ذلك؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط