أكثر من نصف الدول التي احتلت المراكز العشرة الأخيرة في قائمة الأقل شفافية عالمياً، هي دول إسلامية، وآخر دولة في أسفل القائمة وهي “تشاد” دولة إسلامية أيضاً، لماذا يا ترى؟ كيف لمن يعتنق عقيدة الإسلام التي تحض على النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد والمظالم أن يكون في أسفل القائمة؟ هذا يذكّر بملاحظة الشيخ محمد عبده الفريدة، عندما وجد إسلاماً بلا مسلمين في طرف من العالم، ومسلمين بلا إسلام في الطرف الآخر! إنها مفارقة عجيبة بل مخجلة، وعندما يوجد الفساد يوجد الفقر بصورة أكبر، وهما عنوان للتخلف عن الركب المتقدم.
كان لماليزيا شرف عقد منتدى عن “الكسب غير المشروع” قبل شهرين، لمناقشة هذه الأوضاع والحث على علاجها، بعد أن صُدم الكل بتقرير مؤسسة الشفافية الدولية للعام 2005، ورئيس الوزراء الماليزي عبدالله بدوي أبدى حزنه لعدم قدرة الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر على تحقيق مؤشرات ايجابية في مكافحة الفساد، والكل يبدي حزنه على هذا الواقع الأليم، والذين تهمهم صورة المجتمعات الإسلامية لعلهم يتخيلون ماذا يمكن أن يترسخ عنا في المجتمعات الأخرى، أليس هذا مبرراً “له اعتباره” لربط الإسلام بالفساد المالي والكسب غير المشروع مثلما تم ربطه بالإرهاب وهو منه براء؟ أليس هذا سلاحاً فعالاً في يد أعداء الإسلام والمسلمين، لمزيد من التشويه والحروب الإعلامية والثقافية؟ وما دور القيادات وحكومات الدول الإسلامية لتغيير هذا الواقع؟
أمين منظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان اوغلو لمس في كلمته في المنتدى وتراً حساساً، عندما اتهم بعض الشركات المتعددة الجنسيات بممارسات غير أخلاقية، وأنها تنشر لعنة الفساد في الدول الإسلامية. لكن كيف لمثل هذه الشركات أن تقوم بممارسات مثل تلك لا تستطيع القيام بها في دول أخرى؟ السبب أن هناك محاسبة وإمكانية اقل في توافر قنوات تيسير الفساد في الدول الإسلامية، بمعنى أن البلاء الأصلي مستوطن في الدول الإسلامية نفسها. ولا بد من إصلاحات اقتصادية جذرية، ومن المفارقات أن الدول الإسلامية التي تنتج قرابة 40 في المئة من النفط العالمي يقبع 38 في المئة منها تحت خط الفقر، وعلى رغم هذه الصورة القاتمة فإن بداية الغيث قطرة.
الاعتراف بالواقع المرير، مقدمة بعون الله تعالى للإصلاح والنهوض ولعل تجارب ناجحة مثل تجربة ماليزيا تستنهض الهمم، ومن الملفت أن حضور منظمة المؤتمر الإسلامي أصبح واقعاً متنامياً، آمل له الاستمرار والنجاح المتصاعد.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط