هل كان أحد يحتاج إلى تصنيف دولي ليعلم حقيقة وضع الجامعات السعودية أم انها عقدة “تصنيف الخواجة”؟ لو راجعت الصحف السعودية خلال السنوات العشر الماضية أو أكثر، لعلمت وضع جامعاتنا، عندما ظهر ذلك التصنيف قبل أشهر التقيت عميد كلية في إحدى جامعاتنا، وأثناء النقاش عن ذلك التصنيف، انهمر الرجل في حديث مؤلم باعث على الإحباط عن مستويات أعضاء هيئات التدريس المتدنية، وكثرة “الدكاترة” الذين ليس لهم من شهاداتهم نصيب، والاتكالية المستشرية، إنها وظيفة أخرى مثل أية وظيفة في الجهاز الحكومي… لا غير، أضف إلى هذا تخشب إدارات الجامعات. تكلم الرجل حتى تمنيت أن يصمت، وبعد أن انتهى صدقت كثيراً من الرسائل والاتصالات التي تصلني من طلبة الجامعة، وآرائهم فيها. جامعاتنا هي في الواقع مدارس ثانوية كبيرة، لقد قنعنا بالمسميات في الشهادات، واللوحات في المنشآت، ونسينا أننا من وضعها وصدقها، أما ما في الداخل فالأسوار تستره… إلى حين يظهر فيه تقرير أجنبي، فتتحدث عنه الصحافة أياماً ثم تتبخر القضية.
“خلطبيطة”
قرأت خبراً عن اجتماع بين مدير التعليم في الرياض ومدير المرور فيها، وصف الاجتماع بالتنسيقي، وتضمن الخبر مناقشة سبل التثقيف حول السلامة المرورية عند المدارس… ومعالجة المعوقات في أوقات الذروة.
لعلي أضيف شيئاً هنا لذلك الاجتماع.
أهم المشكلات الرئيسية، الحركة المرورية أمام أبواب المدارس والشوارع المحيطة بها، لا يمكن وصف الأمر سوى بالفوضى، بل أقصى درجات الفوضى، وقد كتبت سابقاً مقترحاً الى المرور بتنظيم حركة الشوارع حول المدارس بدل “الخلطبيطة”، هذه الكلمة “الملخبطة” هي أفضل وصف لما يحصل كل يوم صباحاً وظهراً، ولك أن تتخيل ماذا يتعلم الطلبة والطالبات عندما يدخلون ويخرجون كل يوم وأعينهم “ما تشوف إلا قانون الغاب المروري”، إنهم يحصلون على جرعات من التبلد ودورات في “كيف تكون فوضوياً”، وشهادات في الأنانية، وضرب حقوق الطريق والآخرين عرض الحائط، ولذلك تراهم وقد “استأنسوا” السيارات المتحركة يتهادون أمامها، وكأنها غير متوحشة، أما السائقون فحدث ولا حرج، من أصناف سلوكيات القيادة المتهورة والخطرة على المارة وجلهم من الأطفال أو النساء.
الواجب على المرور أن يضع تنظيماً للشوارع المحيطة بالمدارس، يحدد الحركة في أوقات الذروة بمسارات معينة، الشارع اتجاه واحد، وتوضع لوحات واضحة في كل ركن، ويحدد أسلوب الوقوف، ثم تحرس برجال مرور في البداية، ويتم فتح “باب الجباية”، الدخل المتوقع سيكون كبيراً، وأرى أنه ليس هناك أية فائدة من التثقيف داخل المدارس، لأن الواقع المسكوت عنه أمام أبواب الخروج مغاير تماماً لشروط السلامة والقيادة، بل انه لا يشير إلى مستوى معقول من التحضر.
…