منذ أكثر من عام صدر توجيه ملكي كريم للجهات الحكومية، جاء هذا التوجيه برقياً بتاريخ 17-8-1426هـ، مضمونه باختصار أن المقام السامي الكريم لاحظ أن كثيراً مما يكتب في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى عن بعض الجهات الحكومية وما تقدمه من خدمات للمواطنين يفتقر للدقة والموضوعية… ويميل البعض فيها للتعميم، وعدم التحقق من صحة المعلومات من مصادرها، وأشار التوجيه الكريم إلى أنه قد تتأخر الجهة المعنية في إيضاح الحقيقة، ما يؤدي إلى آثار سلبية، ليؤكد المقام السامي في نهاية البرقية، على الرد على ما ينشر في وسائل الإعلام من مغالطات أو غيره في وقته لإيضاح الحقائق، كل في ما يخصه.
وبعد عام وأشهر على صدور توجيه المقام السامي الكريم، المتابع بين أمرين أحلاهما طعمه بمرارة العلقم، فإما أن يصدق كل ما ينشر في وسائل الإعلام وعلى رأسها الصحف اليومية عندما لا يتم الرد عليه في حينه من الجهة المعنية رداً شافياً يوضح الحقائق. أو أن يعتقد أن عدداً من الجهات الحكومية لم تضع هذا التوجيه الكريم على سلم أولوياتها وتطبقه حرفياً!
القائمة طويلة والقضايا أطول، ولأن ذاكرتنا قصيرة لنأخذ أقربها وأكثرها سخونة، نزاوج بين تلك السخونة وجهة معنية تعودنا منها عدم التفاعل الايجابي مع ما يطرح في وسائل الإعلام، أقدم نموذجاً هنا، ولا بد من مقدمة، تخيل عزيزي القارئ خبراً تنشره صحيفة يتحدث عن تهريب أكثر من ثمانية بلايين ريال، أقول أكثر، ولأن “كلام العاقل يطيح نصفه”، والصحف فيها الكثير من العقل، لنجعلها أربعة بلايين ريال، وحتى نصل إلى قاع العقل نطرح نصفها ونقنع ببليوني ريال، ألا يستحق خبر عن تهريب مثل هذا المبلغ أحداً معنياً يلتفت ويخبرنا كامل الحقيقة، اعتذر لأنني لم أرو الخبر كاملاً، القصة تقول ان “أربعة سعوديين وستة هنود قبض عليهم بتهمة تهريب أكثر من ثمانية بلايين ريال”، تم هذا، بحسب خبر الصحيفة، من خلال فرع لأحد البنوك الشهيرة في بطحاء الرياض، وقال المصدر الذي استندت إليه الصحيفة إنهم يمارسون ذلك منذ أربع سنوات! ولم يتم كشفهم إلا منذ خمسة أشهر فقط لا غير. لا أعلم لماذا وفد إلى ذاكرتي وأنا اكتب هذا المقال قصة صاحب شنطة “المليون الكاش” الغربي الجنسية على جسر الملك فهد، فقد كُرم موظف الجمارك الذي عثر عليها ولم يكرم احد منا بإيضاح الحقيقة لا من الجمارك ولا من جهة أخرى، أعود إلى قصة البلايين الثمانية، سألت نفسي، هل هناك جهة معنية بتحويل الأموال من وإلى البلاد وبنوكها؟ إعلامياً لا يوجد، تنظيماً هناك مؤسسة “الصمت” العربي السعودي، فلماذا لا تطبق هي والجمارك وغيرهما الأمر الملكي الكريم؟ إذا كان، بعض ما ينشر يدخل تحت بند المغالطات فلماذا “تطنش” بعض الجهات الرد بالحقائق الكاملة؟
بعون الله سأطرق هذا الموضوع من زاوية أخرى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط