مدينة نظيفة… وضواحيها

البقاء في المنزل أو “الكشتة للبر” عند هطول المطر على الرياض هو الحل الأمثل. لا تفكر في مشوار لعمل أو غيره. يخيل  إليّ عندما تمطر أن عدد السيارات يزداد! فهل تتوالد مع قطراته؟ والمطر يضفي البهجة على النفوس في مدينة صحراوية يستغيث أهاليها غالباً، إلا أن المرء يلاحظ ارتفاع مؤشر العصبية، هي مرتفعة في “القيظ” وعند المطر. ولا سبب سوى سلوكيات متراكمة في المخيخ (إذا توافر). وفي حين يكشف المطر أحوال الخدمات العامة، فهو أيضاً يعرّي سلوكيات البشر. إنه سائل سحري عجيب عندما يعم “غسيله” الجميع، تظهر الأنانية بأقصى درجاتها عند قيادة السيارات، الشعار هو “نفسي نفسي”، والسلوكيات “هي… هي” لم تتغير، بل تتزايد مع ارتفاع عدد السكان وما يركبون… ومستوى التعليم! وحل اللغز في داخل ذلك المخيخ (إذا توافر)، وإذا لم يكن “مجيّم”!، و “التّجييم” مثل “التهنيق” في الكومبيوتر، إلا انه يصيب البشر. الذين كانوا في المساجد والمدارس والمواقع في صفوف منتظمة، يتحولون إلى كائنات مختلفة جذرياً عند الخروج، كأن في بعض تلك الجماجم عداءً متأصلاً للنظام وحقوق الطريق والآخرين. هل يعون أن للطريق حقوقاً وللآخرين مثلها؟ في الرياض من المستغرب أن يقف لك أحدهم ليسمح لك بالمرور. إنه أمر استثنائي، وقد يحصل على توبيخ من سائق خلفه بلغة “البيييب… بيييب”.
والحقيقة أن الرياض مدينة نظيفة، تُشْكَرُ أمانتُها على اهتمامها المستمر بهذا الأمر الحيوي، ونأمل بأن يزداد. أشهد بذلك من خلال الطرق والأحياء التي أمر فيها يومياً. والأمانة حاولت في  حملة “عين النظافة” ترسيخ هذا المفهوم لدى سائقي السيارات، إلا أن مستوى النجاح في هذا الأمر في حده الأدنى. والسبب أن بعضهم إذا ركب سيارته يتحول إلى كائن آخر، يقف بسيارته ويلقي بالمهملات أسفل منها، أو يرميها على من خلفه! في أفلام الكارتون يكنس البطل القمامة “ليدسها” تحت السجادة! تحفل شوارعنا بكثير من أفلام الكارتون أبطالها من البشر. وإذا رأيت عامل النظافة يحاول جمع النفايات في الطرقات السريعة، معرضاً نفسه للأخطار وبانضباط، تحترمه، وتدرك أهمية الالتزام وإلزام من حولك، ولا عليك من آخرين لا يلتزمون، هم يعبرون عن النظافة في دواخلهم.
“عين النظافة” يجب أن تتوسع دائرتها لتشمل كل مخالف من داخل السيارة أو خارجها. وأمانة الرياض مدعوة لفتح “عين النظافة” على مواقع النزهة في “الثمامة” وغيرها. الأوضاع هناك، خصوصاً في أيام نهاية الأسبوع، مخجلة. كل نفاية تدل على مستوى جهل من تركها هو أو أطفاله أو عماله. هناك أناس لا ينتجون سوى النفايات! “النظافة من الإيمان”، فكم منا يُنْقِصُ من إيمانه بنفاياته.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.