“ما عندك عمال؟”، سؤال من رجل أعمال، مع علمه أني لا أدير مكتب استقدام، وليس لديّ مخزون من العمالة السائبة ولا النظامية، وأيضاً يعلم أني لا أملك “تُجُوري” يحوي تأشيرات، لكنه أحبَّ أن يوصّل رسالة معاناته، وهَمّاً يقلقه، فالمصنع الذي يديره يشكو من نقص في العمالة، ومدير الإنتاج يصيح طالباً عمالاً، قلت له ما يقوله الكل لماذا لا توظف سعوديين؟ قال إن سبب بحثه عن عمال هو ترك مَنْ وظّفهم من السعوديين للعمل، هؤلاء يتركون العمل من دون أخطار، وآخِرُهم – كما ذكر الرجل – له قرابة العام على رأس العمل، غاب ثم اتصل بعد أيام يوكّل فلاناً، لتحصيل ما تبقى من حقوقه، أما حقوق صاحب العمل فلا أحد يضعها في الاعتبار، وعلى رغم أن هناك عقوداً إلا أنها لا تُطبّق، فماذا يفعل صاحب العمل: هل يقوم بملاحقه عامل سعودي قرّر ترك العمل؟ وما مقدار الجهد والكلفة للملاحقة؟
هناك أسلوب نظامي متبع لتقديم الاستقالة يسمح لصاحب العمل فترة من الوقت لتوفير البديل، ولا يضعه أمام أمر واقع، خصوصاً في القطاعات الإنتاجية مثل المصانع، ومثلما نطالب رجال الأعمال بتوظيف المواطنين، يجب أن يلتزم هؤلاء بالأنظمة، ويقترح لوزارة العمل أن تضع قائمة سوداء أخرى للعمال السعوديين يُدوّن فيها اسم مَنْ يثبت عليه تكرار الإخلال بالعقود من دون سبب مقنع، المطلوب من الوزارة هو التوازن، وكل هذا سيصبُّ في النهاية في مصلحة قضية السعودة. توفير فرص العمل للمواطن في بلده من مهام الحكومة، إلا أن الكفة الأخرى من الميزان تحتم على الجهة الحكومية حماية صاحب العمل مِمّن لا يراعون مصالح الآخرين.
ووزارة العمل بدأت صفحة جديدة من الشفافية عندما أعلنت أسماء 129 منشأة، عاقبتها بمنع الاستقدام عنها لمدة محددة، وهي بادرة جيدة، خصوصاً أننا مكثنا فترة طويلة، وفي نواحٍ عدة، نُعْلِنُ عن عقوبات من دون أسماء؟ وخلت قائمة وزارة العمل من الأسماء المشهورة، ويعلم الجميع أن هناك شركات تلجأ إلى توقيع عقود مع شركات أخرى توفر لها العمالة، ولا تظهر هذه العمالة على الورق، وشركات أخرى تستخدم أسماء وصور بطاقات.
يجب أن تحمي وزارة العمل مصالح رجل الأعمال بتوازن، وتحت مبدأ: “لا ضرر ولا ضرار”، والذين يحاولون تطبيق الأنظمة هم الأولى بحماية حقوقهم.
كما على وزارة العمل أن تلتفت إلى الطوفان الذي ينهمر من خلال تأشيرة العمرة كل عام فيمكث أصحابها في البلاد، وهو ما جعل إيقافها للاستقدام لا قيمة له، بل سوقاً رحبة للمخالفين، ولا يتضرر من هذا الوضع إلا من يلتزم بالنظام. يتساءل المرء: هل هناك من اتصالات بين الجهات الحكومية؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط