يبحث صديقي “أبو زيد” عن مفتاح يكشف ما دار ويدور في صناديق البنوك الاستثمارية، اقصد بها الصناديق التي جمعت الأموال من المودعين لتستثمرها في سوق الأسهم السعودية وكذا الخليجية. وقبل أكثر من عام كانت الصحف السعودية تحفل بأخبار وإعلانات الإنجازات الربحية المثيرة، صندوق “القرادة” حقق 150 في المئة أرباحاً، أما صندوق “الفاقد” فقد حقق 170 في المئة، في حين لم يحقق صندوق “التفليس” سوى 99 في المئة. ولم يقتصر الأمر على أخبار الصحف وإعلانات مدفوعة، بل تجاوز الأمر إلى رسائل البريد والهاتف الجوال، في نوبة صرع بنكية تم الصمت الرسمي عنها. الآن، بل منذ اشهر، تبخر كل هذا. المقصود بـ “كل هذا” أموال المودعين، من يطلق عليهم المستثمرون الصغار، المتهمون بقلة الوعي الذين يعلن الجميع عن العمل “الصوتي” لحمايتهم من أنفسهم، لا من أسماك القرش البنكية. ذهبت أموالهم كما ذهبت أموال من شارك في مساهمات البَيْض والجرجير وبطاقات الاتصال. وحتى نستفيد من أخطاء الماضي، ويتحقق قدر من العدالة، ولأن البنوك تعتبر لدى بعض الجهات الرسمية قنوات استثمارية محترفة، يديرها مختصون، وافقت عليها الجهات الرسمية بدعوى الكفاءة والخبرة، يبحث أبو زيد عن محامٍ يتبرع بحمل هذا الملف والادعاء على البنوك. ومعلوم أنه كانت هناك تحذيرات من تضخم أسعار بعض الشركات، ومعلوم أن هناك تصنيفاً للعديد من الشركات على أنها “خشاش”، و “كديش”، ولا يستحق بعضها أن يوضع على شاشة التداول. وفي العلم أيضاً أن المحترفين ممن يديرون هذه الصناديق البنكية يعملون وفق أنظمة ومعادلات استثمارية، وحدود لدرء المخاطر، فلماذا انقلبت الصورة رأساً على عقب؟ ولماذا أصبحت هذه الصناديق تعلن الخسائر؟ أليست هي صناديق محترفة، دُفع إليها الناس دَفْعَاً بالإعلام “التوعوي” والنصائح الفضائية، حتى إن إحدى الصحف أخيراً “لا تستحي” من المطالبة بضخ أموال في هذه الصناديق لعلها تسترجع بعض عافيتها، ولا أحد يسائل البنوك أو يطالبها بالتعويض، فهي معصومة من المساءلة حتى الآن. يبحث صديقي “ابوزيد” عن محامٍ شجاع أو تجمعٍ لعددٍ من المحامين، ينبشون في ملفات هذه الصناديق بعد أخذ وكالات من المتضررين، ليروا هل قام خبراء البنوك بما قام به بعض المضاربين، هل ساهموا في التدوير وقاموا بشراء أسهم بأسعار لا يرتضيها البنك لنفسه؟ ولا يقدم تسهيلات على أساسها، ربما بعد النبش والتدقيق يظهر أن الخافي كان أعظم. وأضم صوتي لصوت صديقي “أبو زيد”، خصوصاً أن عدد الذين تبخرت مدخراتهم بالملايين، فارتفع عدد المنتحرين إلى 109 بين ذكور وإناث خلال عامين فقط، هم في رقبة من يا ترى؟ فهل من محام شجاع يكشف قداسة المستور البنكي، ويحقق شيئاً من العدالة، حتى لا يُفْقَد ما تبقى من ثقة؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط