الجسر المربّع

رسالة لطيفة ومعبرة تنضح سخرية سوداء، من الأخ مازن الصالح، يدعونا فيها “جميعاً” إلى المشاركة في احتفال تخريج من نوع آخر. أترككم مع لب الرسالة:
“أود أن تشاركونا أفراحنا، نحن أهالي مدينة جدة، بتخريج فوج عام 1427هـ من حملة الشهادات العليا وذوي الخبرات النادرة، الذين سيشاركوننا عامنا الجديد (إن لم يكن مدى الحياة) في جميع تخصصات التسول والتشرد وتدمير واجهة المدينة بل المجتمع.
فلقد استبشرت كل الخير بالمسؤولين في إدارة مكافحة التسول والجوازات، بل بشرطة مدينة جدة وأنا أرى طلائع الدفعة الجديدة من خريجي جامعتنا العريقة “جامعة الكوبري المربع لفنون التسول التطبيقية” (قسم شمال جدة) تمارس أعمالها بكل كفاءة واجتهاد، وأنا في طريقي مع ابنتي الى مدرستها الساعة السابعة من صباح اليوم. هذا الجد والاجتهاد الذي يضاهي اجتهاد بعض المسؤولين الكبار والمديرين في الحكومة – إن لم يكن يتجاوزه – في ساعات العمل وتحقيق الأهداف، بل العمل على استراتيجية طويلة الأمد من دون أي بيروقراطية أو تصريحات رنانة.
وللمعلومية، فإنني لم أفاجأ أبداً من وجود تلك التخصصات النادرة والجديدة لهذا العام من الكفاءات مثل (القزم، الجذام، الجدري، الأطراف المقطعة) في ظل كل تلك التسهيلات، وتوفير البيئة المناسبة لهم، كي لا نخسر هذه الكفاءات الآسيوية والأفريقية التي ظلت وستظل أحد أعمدة التدهور والتدمير في مجتمعنا.
في هذا الكوبري، أقصد الجامعة، عاصرت شخصياً بعض الكفاءات من أعمار متقدمة (6 سنوات) حتى وصلوا الى سن رشدهم (16 سنة) وهم
على الدرجة نفسها من الجد والمثابرة في عملهم. وإنني هنا إذ أشكر وأثمن جهود المسؤولين في هذا المجال، أقول لهم لقد نجحتم بتقدير امتياز في عدم التصدي لهم، وحسبي الله ونعم الوكيل” انتهى.
والكوبري أو الجسر المربع واحد من علامات مدينة جدة التي أعطتها صفة “غير”. كانت الرغبة أن تكون صفة “غير” إيجابية، فظهرت تحت المكياج بُثورٌ ودمامل “غير”.
وأطلب من الصديق مازن أن يحمد الله تعالى الذي لا يحمد على مكروه سواه. ولو ترك الأمر لما سميت “مكافحة التسول” لعاشت مدن السعودية طوفاناً، ليصبح هناك متسول لكل مواطن! لكن الله سلم بأن التفتت الشرطة بجهود لا توازي الواقع المرير، وجدة بوابة لمكة المكرمة، فلا بد أن يصدّر إليها الفائض بعد فترة من “الحضن”. ولعل السؤال الشاهق الذي يصيب بالغُصّة يقول: كيف تمنح سفارات السعودية تأشيرات للمتسولين ذوي العاهات ومن في حكمهم؟ فمعظمهم لا حدود لبلدانهم مع السعودية حتى يقال إنهم متسللون؟ وللحديث بقية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.