تطورت وجهة نظر الرئيس بوش في قضية ملابسات إعدام صدام حسين، ففي البداية قال إنه “تحقيق للعدالة”، ثم تطور إلى كونه “شأناً عراقياً”، لينتهي أخيراً بأنه “انتقامي وطائفي”. وإذا أخذنا الأمر بحسن نية يخيل للمرء أن بوش الابن “رئيس ودني”، يكرر آخر ما يسمع، فيديره آخر شخص اقترب من أذنيه وهما أذنان كبيرتان لك حق التأكد من حجمهما من خلال الصور أو المتناقضات! لا يتوافر هناك موقف شخصي خاص ومستقل لرئيس أكبر دولة! أما إذا تفحّصنا الأمر سياسياً، فلا تفسير لتأرجح المواقف، إلا أن بوش يردد أغنية “ولعها ولعها” في رغبة محمومة لزيادة إشعال الفتنة الطائفية في العراق، وعلى طريقة “حيلهم بينهم”، و “فرق تسد”، تمهيداً لنفض اليد من الشأن العراقي الداخلي ومعه الإنسان العراقي، والتربع على حقول النفط. ومن الخطأ بل إنه من أحلام اليقظة أن يتوقع المرء عدالة وتعقلاً من السياسة الأميركية الخارجية، انظر إلى التاريخ ستدرك أن مقامرة من هذا النوع هي ضرب من الانتحار السياسي، هذا الفيل الضخم الذي يوصف بأنه القوة العظمى في الكرة الأرضية يخضع لمشيئة أطراف سياسية، من مراكز أبحاث ومجموعات ضغط في واشنطن على اتصال وتنسيق مع ساسة تل أبيب، فيقاد ولا يقود. لم ينجح العرب في التعامل مع هذا الفيل، فهو يحتاج إلى سائس من نوع خاص فشل العرب في إيجاده، والمتتبع للتصريحات الأميركية الضاغطة على حكومة المالكي وردود الأخير عليها حتى لو ألحقت بنفي، يمكن له استشفاف أننا أمام علاقة جديدة مركبة، طابعها المعلن اختلاف سياسي، أما الأهداف الجوهرية فكل طرف يحققها بحسب أجندته. وإبراز دور إيران في العراق وهو دور معروف من أول يوم احتلال احتاج لكل هذه السنوات من الأميركان وأعلن التدشين بعد تصريحات “بلير” الداعية إلى حلف سني لمواجهة إيران. الآن نعيش محطة من مراحل التأسيس لبؤرة أزمات جديدة في المنطقة.
الواجب على الحكومة الإيرانية كبير وهو بحجم الخطر، لا تكفي التصريحات ولا الزيارات الخاطفة، فلا بد من أفعال على الأرض تبين حسن النوايا، وتفوت الفرصة على التلاعب السياسي الغربي، ولن تفيد في هذا الجانب مغازلة العاطفة العربية بالتصريحات الهجومية ضد إسرائيل.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط