“مصيبة أم وبلسم والد”

في الشهر السادس من العام الماضي كتبت مقالاً بعنوان “مصيبة أم”، كانت صحيفة “الحياة” نشرت قصة انتحار سيدة سعودية في محافظة محايل عسير (جنوب المملكة). بعد وفاة زوجها انهارت هذه السيدة أمام وحوش الفقر والمرض وحاجات أولادها الثلاثة، لم يكن بيدها سلاح سوى مبلغ الضمان الاجتماعي، “ألف ريال” فقط لا غير، شملها الضمان الاجتماعي هي وواحدة من بناتها فقط! ومنذ ذلك الحين وأنا أقول “لا أعلم” عندما يسألني بعض الإخوة القرّاء عما فعلت الجهات الرسمية المعنية في ملف تلك المصيبة. إلى أن استقبلت اتصالاً من أخ كريم قبل عشرة أيام، فعلمت أن الاهتمام بمصيبة هذه السيدة وأولادها تم على أعلى مستوى، وللأمانة كان الاهتمام منذ تاريخ النشر، لكن… “وأخ من لكن” حتى يصل العلاج كاملاً لمواساة الأسرة وإصلاح أوضاعها استغرق الأمر ستة أشهر تقريباً! الاهتمام جاء من الإنسان الذي لا يفتأ يعلّم ويدرّس ويقدّم القدوة في الحرص على أحوال مواطنيه، ونشرت صحيفة الوطن خبراً بذلك الثلثاء الماضي، كان الاهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، أمده الله بالصحة والعافية والتوفيق، وهو أمر غير مستغرب، فكان توجيه “ابو متعب”، بتقديم مساعدة عاجلة ترفع معنوياتهم وتخفف عنهم الدين، وتخصيص مبلغ لإصلاح منزلهم وتوفير وظيفة لابن المتوفاة بقرب أخواته، وهذا ما تم بحسب علمي يوم الأربعاء الماضي، فالشكر أولاً لله تعالى على نعمه التي لا تحصى، ثم الشكر لوالدنا الحبيب. إلا أنه لابد من التوقف وطرح كثير من الأسئلة، هل تحتاج مثل هذه القضية أن يتدخل فيها رجل في مقام ملك يحمل هموم أمة كاملة؟ وهي هموم تنأى بحملها الجبال؟ إذاً ما هو دور الجهات المعنية، وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل وعدد لا يحصى من الجمعيات الخيرية؟ للعلم عندما نشرت المقال لم يصلني أي إشارة اهتمام من تلك الجهات! ولم يصل شيء من هذا القبيل للزميل المحرر محمد طيران، وللأمانة علمت أن الضمان الاجتماعي قام بعد أيام من نشر المقال بصرف مساعدة مالية “مقطوعة” للأسرة، وهو أمر مبهج إلا أن القضية كانت بحاجة إلى علاج جذري مثلما وجه الملك عبدالله سلمه الله. فهل يحتاج الأمر إلى توجيه من رئيس مجلس الوزراء لحل قضية عائلية في قرية من القرى؟ إذاً ما هي أحوال قضايا مماثلة لا تجد صحافياً إنساناً مثل محمد طيران الذي “طار للوطن”، ليتبناها فتنشر على الملأ؟ رسالة للإخوة الصحافيين، احرصوا على نشر القضايا الإنسانية، تحملوا اللوم والعتاب إذا حدث، فهو جزء يسير من متاعب المهنة، واحتسبوا الأجر قبل وبعد، فقط دققوا ووثّقوا ما تنشرون وأنتم الفائزون.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.