هو انحدار في لغة الرياضة المستخدمة إعلامياً من جانب بعضهم، وفيهم للأسف مسؤولون عنها. وفي دورة الخليج المقامة حالياً بدولة الإمارات العربية المتحدة، ظهر هذا الانحدار بشكل مزعج، هي صورة تخالف أهداف الرياضة أصلاً وفصلاً. وكنت أعتب على بعض الإخوة الصحافيين المختصين في شؤون الرياضة لحرصهم على استخدام مفردات عنيفة، فالفريق الفائز “يفجر” مرمى الخصم و “يسحقه”، و “يثأر” منه، تترك كل مفردات اللغة العربية الثرية، ويتم اللجوء إلى كلمات فيها شبهة العداء المتأصل وربما الإرهاب! وفيها ما فيها من شحن سلبي لنفوس الشباب ومعظمهم في سنوات المراهقة! فأصبحت هناك “حرب” نفسية من رئيس ذلك الفريق ضد خصومه، ومن تلك الصحيفة لمصلحة فريقها، نادياً كان أو منتخباً. إلا أن دخول بعض المسؤولين عن الرياضة على الخط، و “مجاكرة” صفحات رياضية نزولاً إلى تحت، لا يمكن وصفه إلا بالانحدار، فإذا كان المسؤول يمارس هذا السوء في استخدام اللغة إعلامياً فكيف يمكن عتاب بعض الصحافيين، وكثير منهم لا يزال في بداية المشوار، إذا أغضبك تصرف لحكم مباراة في كرة القدم “مثلاً” أو مقال لصحافي، فما شأن البلد الذي ينتمي إليه؟ وما شأن اسم عائلته؟ اللجوء إلى هذه اللغة يعني في ما يعنيه، قصر نظر فاضحاً لا يليق بمسؤول عن قطاع للشباب، وهو فقدان لاتجاه بوصلة المصلحة العامة، وربما الضيافة، إن كان القائل مضيفاً، وقلة في الأدب والذوق إن كان القائل ضيفاً، فأين أهداف الرياضة السامية وأين التلاحم “المزعوم” بين أبناء “الجسد” الواحد، وهو جسد منهك تتربص به الأطماع؟! ولعل من الغريب أن يحدث مثل هذا في دورة الخليج العربية، ومعظم الدول المشاركة فيها هم من أسرة مجلس التعاون الخليجي، فلماذا لا تتعلمون اللغة المناسبة من قادتكم السياسيين، وهم الذين يحسب لهم الحكمة والبصيرة في تناول شؤونهم. وكنت أتمنى أن تحتفي دورة الخليج الثامنة عشرة لكرة القدم بالمنتخب العراقي احتفاء خاصاً، ليقول أبناء الخليج لأشقائهم في العراق إن قلوبنا معكم، وهي الحقيقة التي نعيشها يومياً، وإننا نحزن لأحزانكم، وإن ما يحدث من قتل لأبناء “بلاد الرافدين” المحتل، وتدمير لمؤسساته يدمي أفئدتنا، ولا تعنينا في هذا الشأن حكومة هذا البلد الحالية، فهي حكومة ستذهب اليوم أو غداً، لأن أفراد المنتخب العراقي يمثلون شعب العراق الذي نحرص عليه وتعنينا أحواله، أما الذين يقولون لا دخل للرياضي بالسياسي، فهم ربما يتناسون أو لا يعلمون، أن السياسة دخلت من كل ثقب، وأن مباراة في كرة تنس الطاولة كان سبباً في عودة العلاقات بين عملاقين متصارعين من عمالقة العالم، تفصل بينهما الآلاف من الكيلومترات ومن المصالح والأطماع، وليسوا جيراناً وأشقاء.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط