النوم وأسامة في الغرفة المجاورة

لم أستغرب كثيراً ردود فعل الإعلام والشارع الأميركي عندما قرأت خبراً نشرته صحيفة “الحياة” بقلم الزميل ناصر البراق، عن قضية طالب سعودي مبتعث للدراسة في الولايات المتحدة اسمه أسامة، حيث نشر الشاب إعلاناً مبوباً يبحث من خلاله عن عائلة أميركية للسكن لديها كرافد لتعلمه اللغة الإنكليزية، ولأن الاسم لا يذكر الشعب الأميركي سوى بأسامة بن لادن ثارت قذائف الاعلام، وطارت بالخبر قناة NBC، وعرض المذيع قصاصة من الإعلان ساخراً منه ومن صاحبه. من التعليقات التي نشرتها “الحياة” قول احدهم: “لدينا غرفتان جميلتان في غوانتانامو”. وآخر قال: “أحضر معك غنمك”، والله اعلم ماذا سيحدث للطالب. ويلاحظ انه بعد سنوات من أحداث أيلول (سبتمبر)، لم نستطع ان نفصل بين ما قامت به مجموعة فيها سعوديون، بحسب الرواية الأميركية، والسعودية الدولة والمجتمع، على رغم أن هذه المجموعة تحارب من قبلهما، فهل يحق لنا أن نقف موقفاً مماثلاً من أميركي لأن اسمه جورج أو دونالد بسبب ما يفعله الرئيس جورج بوش ووزير دفاعه المخلوع بإخوة لنا وبلاد عزيزة على قلوبنا، فأحالوها إلى دمار وأشعلوا فيها حروباً أهلية طائفية، وقتلوا أبناءها بالجملة، وأسسوا لأحقاد وفتن، لا يمكننا ذلك بالتأكيد، لأن الدين الإسلامي علمنا ألا نأخذ البريء بجريرة المجرم، والذي لم نستطع إيصاله للمجتمع الأميركي، والغربي عموماً أننا لسنا على خلاف مع المجتمع ولا علاقة لنا بأسلوب حياته، نراه حراً كما نرى أنفسنا أحراراً، ولا تعارض، جذور قضيتنا مع سياسة حكومتهم الخارجية، التي ربما يشتكي منها بعض المنفتحين منهم، هذه السياسة الخارجية المتشنجة هي التي قلبت رأساً على عقب كل التعاطف مع المجتمع الأميركي أثناء أحداث أيلول وحولته إلى عداء وكراهية، السياسة الأميركية ودوافعها الاستعمارية مسؤولة عن سوء التعامل مع كارثة غالبيتنا كانوا متعاطفين مع ضحاياها وأسرهم، وهي السياسة نفسها التي ما زالت تدعم ضد حقوق بعض منا وبحزم سوسة الكرة الأرضية المسماة إسرائيل، هذا هو اللب الذي يجب أن يصل للجمجمة الأميركية، وهو ما فشلنا بامتياز في تحقيقه، إن العمل المنظم والمتقن البعيد عن “التنفيع التجاري”، هو السبيل الوحيد لإنارة ما استشكل على العقل الأميركي الشعبي، بدلاً من رجم الإعلام الأميركي بالحاقد والمتطرف والمنحاز. أما مصير الشاب السعودي أسامة فتقع مسؤوليته على من ابتعثوه، الواضح من حوادث جرت وتكررت لبعض الشباب المبتعثين في الولايات المتحدة أو كندا، ومعظمهم من صغار السن، يشير إلى أنهم لم يهيأوا التهيئة الصحيحة لمعرفة المجتمع الجديد والتعامل معه، وكأنهم خضعوا لبرنامج خدمات توصيل سريع اسمه “خذوه فابتعثوه”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.