أسامة في أميركا

إذا كنت مسلماً أو عربياً، هل يستفزك اسم مثل جورج أو دونالد أو حتى بريمر، إذا ما وجدت شخصاً يحمل هذا الاسم يسكن أو يبحث عن السكن إلى جوارك؟ لا بد من انك تفرق بين أي جورج وجورج بوش، ربما يخطر على بالك جورج الذي حضر ضمناً في مسرحية شهيرة قديمة للثنائي المسرحي الكويتي سعد الفرج وعبدالحسين عبدالرضا، ربما يذكرك اسم دونالد بالشخصية الكرتونية “دونالد دك”، ومع انك بالتأكيد لن تنسى وزير الدفاع المخلوع دونالد رامسفيلد، ولن يغيب عن فكرك جورج بوش الابن، لا اعتقد انك ستخلط بين الأسماء، وعلى سبيل المثال لن تتهم شخصاً اسمه دونالد بما حرص على فعله رامسفيلد.
وقبل عامين تقريباً وفي مدينة دبي تحديداً التقيت بشاب على أعتاب مهنة الإخراج السينمائي، هو أميركي من أصل سعودي، أصبحت اللغة الإنكليزية – بحكم المنشأ – هي لغته الأم، إلا أن جذوة الجذور والعقيدة ما زالت متوهجة بداخله، وجدت فيه تمثيلاً لحقيقة العلاقة بين المجتمعين السعودي والأميركي، فيمكن لمثله وبهذه الخصوصية أن يكون عموداً في جسر لفهم وإفهام الآخر. لماذا؟ لأنه بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة الأميركية، تعرض المجتمع الإسلامي والعربي عموماً والسعودي خصوصاً إلى حملة تشويه ضخمة ومركَّزة، في مقابل عجز واضح من السعوديين عن التصدي النوعي لهذه الحملة. تحمست وطرحت عليه فكرة عمل سينمائي بعنوان “أميركي في السعودية”، وعمل آخر موازٍ له بعنوان “سعودي في أميركا”، من خلال الأول يستطيع أفراد من المجتمع الأميركي معرفة حقائق مغيبة عن بساطة المجتمع السعودي، وأنه ليس بالصورة المشوَّهة التي حرص الإعلام الغربي على عرضها، ومن خلال الثاني يمكن فتح نافذة للمجتمع السعودي لمعرفة حقائق عن الأميركان الشعب والمجتمع والمؤسسات، لكنني ابتلعت فكرتي مثل أفكار كثيرة، تحتاج إلى تبني مؤسسات وطاقم مؤمن بفكرة ليس من أولوياتها الربح التجاري، ابتلعت الفكرة عندما اخبرني المخرج الشاب بأنه يكاد يحصل على عقد عمل مع قناة فضائية تهتم شكلاً بالموسيقى وهي إلى الرقص و “الشخلعة” أقرب، وهي مساحة ضيقة لا تحمل شيئاً مهماً من القيم ولا الهموم، سواء أكانت هموماً وطنية أم عربية أم حتى إنسانية، وللأسف العميق ليس هناك عمل فضائي حقيقي موجه للتصحيح، على رغم وجود قنوات فضائية كثيرة بعضها محسوب على المجتمع السعودي، الصدى الوحيد، عزف منفرد من آراء تنتقد الإعلام الغربي “الحاقد”! والحقيقة أنهم يعملون ونحن نكثر من الكلام، وأصحاب الإمكانات لا يعيشون همنا فلهم همومهم… وللحديث بقية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.