حالة استنكار علنية

تشير جريمة قتل الفرنسيين الأبرياء في منطقة المدينة المنورة إلى الحاجة الملحة ليقظة عامة، لا يكفي أن نقول “لا للإرهاب”، بل يجب أن نحدد شكله وصورته وما يتغذى عليه ويبقيه حياً، كما أنه لا يكفي أن نطالب المواطن والمقيم بالتعاون، بل من المهم أن يتم إرشادهما إلى كيف يكون هذا التعاون وصفته، وما هو مطلوب منهما خطوة خطوة، والمواجهة الإعلامية والفكرية للإرهاب ما زالت وقتية، تشتد عند وقوع جريمة إرهابية مثل تلك، ثم ينحدر الزخم، وعلى رغم أن الجميع متفق على طول أمد مواجهة الإرهاب، إلا أن هذا الاتفاق لا يصاحبه استمرار في قوة المواجهة الفكرية والتنوير التوعوي، ما حدث للضحايا الفرنسيين الأبرياء موجه لكل فرد آمن مطمئن على أرض السعودية، سواء كان مواطناً أو ضيفاً زائراً أو عاملاً، وليست السياحة هي المستهدفة بل هو الأمن، إثارة القلاقل والبلبلة والإحساس بالخوف وعدم استتباب الأمن  هو الهدف الكبير، وعلى رغم مطالبات قديمة نشأت مع بدء العمليات الإرهابية بدور مؤثر ومستمر لمنابر المساجد، إلا أننا نكتشف لاحقاً أن هذه المنابر المؤثرة والقريبة من الناس لم تستثمر بالصورة المرجوة، وأظن أن السبب هو توجيهي أو تنسيقي، تسأل عنه الجهة المشرفة عليها، أما في المنابر الإعلامية الأخرى فما زالت المواجهة أسيرة لقوالب جامدة، ولو فكرنا قليلاً في أن المستهدف هو أمننا وأهلنا وبلادنا لاختلف واقع الحال في نوعية المواجهة، نحن بحاجة لكشف كيفية استمرار وتمكن هذا الفكر التدميري حياً يقظاً يجد له أدوات كل فترة تنفذ أهدافه، استمر على رغم جهود المكافحة الاستباقية المشهودة التي بذلت خلال السنوات القليلة الماضية، هنا لا بد من إعادة درس أساليب تلك الجهود وأدواتها، لتطويرها سداً للثغرات، وحال الاستنكار والرفض التي شعر بها كل فرد لجريمة قتل الفرنسيين الأبرياء يجب أن تتحول إلى حال استنكار عامة ومعلنة شعبياً، يجب أن يقال لا مكان بيننا للقتلة والمفسدين، وأن نطالب بأن يلقوا جزاءهم العادل في أقرب وقت.
الأجهزة الأمنية السعودية المختصة بمكافحة الإرهاب استطاعت أن تمسك بزمام المبادرة، فكانت كثير من الوقائع التي أجهضت فيها هذه الأجهزة عمليات إرهابية، هذا أمر مشهود ومتفق عليه، إلا أن المواجهة الفكرية والشعبية ما زالت متأخرة، وأجد في اختيار طريق ناء في أطراف السعودية شاسعة المساحة لقطع الطريق على مجموعة من ضيوف البلاد وقتلهم بدم بارد، رسالة واضحة من القتلة ومن يقف وراءهم، المواجهة الأمنية واضحة المعالم إلا أن المواجهة الفكرية والإعلامية خصوصاً في مناطق نائية ليست بالصورة المأمولة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.