اضحك مع الجمارك

إذا أردت أن تعلم في أي قرن تعيش “الجمارك السعودية” فاقرأ الخبر الذي نشرته “الحياة” يوم الاثنين، قررت الجمارك وضع صناديق للشكاوى والاقتراحات للجمهور! مع تعليمات برفع التقارير الشهرية عنها وعدم إهمالها. حاولت أن أتذكر أول صندوق للشكاوى شاهدته في حياتي فلم أفلح، إلا أن هذا “التقدم” الجمركي يشرح لك واقع الحال وفي أي “حقبة” يعيش هذا القطاع الحيوي، ولأن مهمة الجمارك التفتيش والفحص، لك عزيزي القارئ أن تتخيل أوضاع تلك الصناديق، يظهر لي أنها ستكون صناديق مفتوحة! ومعك أتخيل أنه سيحرسها أضخم كلب بوليسي، “يشمشمك” من رأسك حتى أخمص قدميك ما ان تقترب من الصندوق، أو تسلط عليها كاميرات المراقبة، وربما سيتم فحصها كل دقيقة لمعرفة من هو “العلة… راعي الشكاوى”، هذا عند بداية “زفة الصناديق” ثم سيلفها النسيان لتتحول إلى صناديق للنفايات، ورفع التقارير الشهرية يدل على الحرص “الشهري” للإصلاح والمتابعة، مع وجوب الحذر من رسم الأرضية الذي قد يفرض على اقتراحك.
ولتضحك معي على أحوال الجمارك ومدى التدقيق الذي تمارسه على المسافرين تابع هذه القصة… إلى الإمارات ومن المنفذ الجمركي السعودي “البطحاء” توقف سيارة لعائلة سعودية للعبور، طلب موظف الجمارك من رب العائلة الذي يقود السيارة أوراق المركبة، كانت باسم زوجته الحاضرة بشخصها وجوازها، رفض موظف الجمارك السماح لهم بالعبور لعدم وجود تفويض للسيارة، حاول الزوج جاهداً إخباره أن مالكة السيارة، زوجته، هي هذه الجالسة على المقعد المجاور وهذا جواز سفرها، وفي الخلف الأطفال مندهشون، أصر موظف الجمارك واقترح عودتهم إلى الرياض لإحضار ورقة تفويض! بعد محاولات عدة وافق “طويل العمر” كما تقول الرسالة، على إحضار تفويض من الأحساء… تنازل عن بضعة كيلومترات وفي هذا تخفيف وتسهيل على المسافرين. بعد جولات جديدة من المفاوضات، وافق الموظف الجمركي على تفويض صادر عن مركز الشرطة في منفذ البطحاء، يلاحظ هنا أن موظف الجمارك يحاول جاهداً مساعدة المسافرين ويخفض عليهم المسافات بالتقسيط، في شرطة “البطحاء” الحدودية جرت مفاوضات جديدة استغرقت خمساً وأربعين دقيقة، للحصول على الورقة السحرية، وافقت الشرطة – ولله الحمد – وأعطي الرجل التفويض اللازم، وضعه على عجل في جيبه وركب السيارة إلى آخر نقطة، لم نصل إلى “القفلة” المضحكة حتى الآن، قبل الوصول تفحص الزوج الورقة فوجد أنها مكتوبة باسم آخر! الاسم الذي فوض مختلف عن اسم مالكة السيارة! لكنها ورقة من سيدقق فيها؟ كان السائق الزوج بين نارين إما أن يعود لإصلاح الخطأ وجولة جديدة من المفاوضات وطوابير الانتظار أو يغامر، قرر المغامرة، عند نقطة الخروج ختمت له الورقة بصورة روتينية وخرج إلى الهواء الطلق… يحدث هذا مع البشر… ماذا يحدث بربك مع البضائع؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.