على رغم أن السعوديين من أكثر الشعوب الإسلامية تداوياً بالقرآن الكريم هم وآباءهم وأجدادهم، عن يقين وقناعة راسخة، إلا أنه لم يتم احتضان هذا النوع من العلاج بشكل رسمي لتقنينه وتطويره والبحث في أسراره، بل إن الأصوات التي نادت وتنادي بذلك قليلة ومبحوحة، ومن تلك الأصوات صوت الموقع أدناه، آخرها مقال بعنوان “الكنز المدفون” الذي نشر هنا في الشهر السادس من عام 2005، وقبله كتبت محاولاً لفت الأنظار في مطبوعات أخرى من دون صدى يذكر اللهم إلا رسائل قليلة مؤيدة. لهذا بقي العلاج بالقرآن الكريم تقليدياً وفطرياً، يخضع لاجتهادات المشتغلين به من الرقاة على اختلاف قدراتهم وثقافاتهم وعلمهم… وأهدافهم أيضاً، وهي اجتهادات تتم داخل الغرف المغلقة وبعض منها لا تسر نتائجه، مثل أن يتضرر المرضى نتيجة للضرب أو الكي ما قد يؤدي إلى الوفاة، أو استغلال إقبال الناس مادياً، وتحقيق مكاسب من جروحهم وآمالهم، إضافة إلى ما قد يحدث من قضايا أخلاقية.
نتج عن هذا الإهمال والانصراف عن تنظيم هذا العلاج المنتشر وتطويره أن دخل إلى مجاله أناس لا علاقة لهم به، فأساؤوا لأنفسهم وله، وأسهموا في تشويه صورته، لذلك فإن الصورة الذهنية عن هذا العلاج ليست بالصورة الناصعة والجميلة، بل إن بعض شرائح المجتمع تطالعه بنظرة فيها شيء من الريبة نتيجة لتلك الشوائب والإهمال، فيما اقبلوا على صرعات علاجية قادمة من الشرق والغرب.
اليوم أقرأ عن مبادرة إماراتية جميلة انطلقت من أبوظبي يوم الثلثاء الماضي، حيث افتُتح “مؤتمر العلاج بالقرآن بين الدين والطب” نظمته “مؤسسة التنمية الأسرية” الإماراتية على مدار ثلاثة أيام، يشارك في هذه الفعاليات علماء وأطباء، وهو امر مبهج، لقد كانت “حساسية المهنة الواحدة” طاغية على العلاقة بين الأطباء والرقاة الشرعيين، وانسحب هذا على الأجهزة الرسمية، ولأن للأطباء وزارات تعنى بالصحة فقد تسيدوا الصورة، فيما قبع الرقاة والمعالجون بالقرآن بين سندان عدم الاعتراف الرسمي المنظم والممنهج بهم، ومطرقة الدخلاء على هذا النوع من العلاج.
هذه السحابة الممطرة التي أقلعت من أبوظبي لا بد من أن تمطر في كل منزل مسلم، ولا بد من أن تستفيد منها الإنسانية، أتمنى التوفيق للمؤتمر ولهذه الجهود النيرة، فهو الأول من نوعه ويجب ألا يكون الأخير، والثناء للمسؤولين والمنظمين والمشاركين في أبوظبي، بالنسبة إلي لقد حققتم حلماً، وبدأتم بالخطوة الأولى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط