“الحويل” من دون حول ولا قوة

إلى وقت قريب كانت الإذاعة السعودية تبث أغنية “يحول” للفنان سالم الحويل، ربما لم يحصل على قرش واحد من استمرار البث، الحقوق لدينا تتم حمايتها بالتصريحات الصحافية، كأن الفنان في تلك الأغنية يتوقع وضعه المستقبلي البائس، “يحول”  اختصار لـ “لا حول” باللهجة الشعبية، وللذين لا يعرفون سالم الحويل يمكنهم أن يتذكروا “ألفية ابن عمار”، وهي من عيون الشعر الشعبي الجميل، غناها الفنان سالم الحويل واشتهر بها، واحتلت طوال سنين مساحة من بث الإذاعة.
صاحب “يحول أنا من بدت الناس يحول”، و “ألف أولف من كلام نظيف” يقول كما نشرت “الرياض”: “أتمنى أن ينظر إليّ الناس بعين الرحمة والشفقة، فأنا طريح الفراش وعاجز عن الحركة، حتى أن الجمعيات الخيرية لم تقدم لي شيئاً، والشؤون الاجتماعية حرمتني من السيارة التي أهداها مولاي خادم الحرمين الشريفين للعاجزين، مع العلم أن معاملتي انتهت منذ زمن وأنا انتظر الفرج، فقد قلّت حيلتي”.
هل بعد هذا ما يقال؟
لم يخبرنا سالم الحويل عن موديل السيارة التي اهديت له من خادم الحرمين الشريفين وحرمته منها وزارة الشؤون الاجتماعية، لنعلم مقدار طول زمن البؤس وعمقه.
سالم الحويل ليس حالة خاصة، إنها حالة كثير من المشتغلين بالثقافة والفن، الكيانات الرسمية التي يقال إنها ترعى شؤونهم آخر من يفكر بهم إذا ما وصلوا لمرحلة العجز والمرض، إذا انتهى العطاء فلا عطاء، وربما حتى عند العطاء قد لا يحصل المرء إلا على الفتات.
في اللقاء المؤثر أصرَّ سالم الحويل على أن يلبس “البشت” وهو مقعد طريح الفراش، احتفالاً بالصحافة في منزل قديم صغير لا تزيد مساحته على 60 متراً يحيط به العجز.
الصحافي عبدالرحمن الناصر اختار له نهجاً جميلاً، أشد على يده، فلا تخلو أعماله من نفس إنساني صادق، الفن الشعبي السعودي أُهمل، فكان أن طار إلى هناك، تم الاحتفاء به في دول مجاورة  وقد لا يعود، هو محيد “مركون” على هامش المجتمع، يبقى المشتغلون بهذا النوع من الفن الأصيل  في الواجهة، ما زالوا قادرين على الوقوف إلى حين التعثر، ليسقطوا في بئر النسيان.
قبل أن يكون فناناً شعبياً، سالم الحويل إنسان ومواطن له من الحقوق ما هو معلوم، وقصته المؤثرة، لا بد من أن تطرح التفكير في قضية “الضمان الاجتماعي” وهل له من اسمه نصيب؟ هل يفي بأقل الحاجات الإنسانية ليكون من شمله “بعنايته” موفور الكرامة؟ أم يستجدي على صفحات الصحف، مثلما اضطر سالم؟ لك الله سالم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.