لا أخفي على القارئ الكريم أن في قلمي غصة سببتها المخالب الرقابية للزميل جميل الذيابي مدير عام التحرير، هي مخالب ناعمة إلا أنها حادة. عندما اطلعت على تصريح وزير التخطيط والاقتصاد الذي جزم فيه بالقضاء على الفقر خلال عامين، وضعت التصريح في صندوق الفقر، وهو صندوق قديم أكثركم يعرفونه، وكلما تناسيت الأمر سمعت خشخشة في صندوق أفكاري، كأنه مصاب بحكة، فكتبت عن “احتضار الفقر” وكانت المخالب بالمرصاد، إلا أن كرم وزارة التخطيط والاقتصاد لا حدود له، إذ صدر توضيح منها عما نسب للوزير! عاد بنا التوضيح إلى حكاية صندوق الفقر والاستراتيجية والدخول في متاهة تعريف أنواعه وألوانه، التوضيح قال إنه حصل لبس لدى معظم من تناول التصريح اللذيذ من الكتّاب والصحف، اللبس دائماً لا يحصل إلا لديهم! حمدت الله تعالى أن الزميل الذيابي بصلاحياته استثناني من هذا اللبس والالتباس، أعاذنا الله تعالى جميعاً من “إبليس وبلبس”!
بحسب التوضيح فإن الوزير “كان” يقصد الفقر المدقع، وتعريفه بحسب البيان “يقصد به خط فقر الغذاء وهو الإنفاق الاستهلاكي الذي يكون كافياً لمقابلة حاجات الطاقة الغذائية للفرد في المجتمع، ووفقاً لأحدث أساليب قياس الفقر تم اختيار فئات من السلع التي تمثل النمط الغالب لاستهلاك أفقر شريحة في المجتمع” انتهى.
من المهم قراءة التعريف بدقة، لنعلم أن المقصود هو سد الجوع، بماذا؟ الله أعلم، لم يحدد البيان ذلك، فهو اتكأ على “أحدث” أساليب القياس لاختيار السلع التي تسد الجوع، ولم يذكر أياً منها، ربما نحن بحاجة إلى بيان توضيحي آخر!
إذاً وزارة التخطيط تقول إن القضاء على الفقر المدقع سيتم خلال عامين، هذا ما فهمته وإن وقع قلمي في لبس أو التباس فأخبروني.
إلا أن لوزارة الشؤون الاجتماعية رأياً آخر، في تصريح لوزيرها نشر يوم الإثنين، قال إنه تم القضاء على الفقر المدقع في عام 2006 الماضي، أي قبل تسع سنوات من التاريخ الذي وضعته خطة الألفية الأممية للقضاء على الفقر المدقع! فهل تأخر صدور بيان وزير التخطيط عامين؟ أم أن الإنجازات في بلادنا تسابق الخطط بأعوام؟ ولأن الذكرى تنفع المؤمنين، أذكر أنه في شهر رمضان العام الماضي أي في بحر 2006، ظهرت مجموعة من المواطنين على صفحات الصحف “يتسولون” إفطار رمضان، لم يكن فرداً أو اثنين، بل عدد من الأسر يشكلون سكاناً لقرى متناثرة في محافظة الليث، استطاع مصابون بالفقر المدقع ان يصلوا للصحف، وغيرهم الله أعلم بحالهم، استغربت ألاّ جهة حكومية تحركت. الآن زال استغرابي، لقد ضاعوا بين وزارتي التخطيط والشؤون الاجتماعية، ولا أعلم على أية خريطة هم الآن.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط