جمعيات عمومية للمتقاعدين

أستمتع كثيراً بإعلانات تحطيم وطحن وسحق الأسعار المنتشرة في الصحف، واعلم أنها هباء منثور، لكنها تقدم لي توازناً سعرياً نفسياً يريحني إلى حين، هي تجعلني لا استيقظ من غفوة لذيذة بأن الريال ما زال هو الريال، وعندما اترك الصحيفة والإعلان، أعود إلى الواقع، فأجد أن الخمسة ريالات تحولت إلى ريال أو أقل، وتعبير “تحول الخمسة إلى ريال” هو من رجل بسيط قالها يشكو من ارتفاع الأسعار، والحقيقة أن الأسعار لم يتم كسرها ولم تسحق، بل تم طحن أصحاب الدخول المتدنية، والمسؤولية “بالطبع” تقع على التضخم مع انه تحت التحكم! وهو ما يطرح أسئلة معلقة لا تجد من يجيب عنها عن الإدارة النقدية والمالية في اقتصادنا.
 غلاء الأسعار طاول الجميع، وأكثر المتضررين هم ذوو الدخول المنخفضة، ويدخل إلى قائمتهم المتقاعدون من أصدقاء معاشات التقاعد ورفاق التأمينات الاجتماعية.
ومع إنشاء جمعية للمتقاعدين، أقترح إنشاء واحدة أخرى لمتقاعدي التأمينات الاجتماعية، من الضروري أن تقوم هذه الجمعيات بالدفاع عن حقوق المنتسبين إليها أمام تلك الجهات الحكومية ولا تتحول إلى أندية اجتماعية فقط، تنشغل ببطاقات التخفيض الوهمية، ومن حق المشمولين بخدمات هذه الجهات أن يجدوا إجابات عن أسئلتهم، وان يشاركوا في سن الأنظمة أو تعديلها بما يحفظ حقوقهم وحقوق الأجيال التي تأتي بعدهم، وتصلني رسائل كثيرة من المتقاعدين المبكرين والمتأخرين، يشكون فيها واقع الحال، والأخ محمد بن كليب من الرياض واحد منهم، قضى 33 عاماً بنظام التأمينات الاجتماعية، وتقاعد مبكراً ليحصل على راتب 4200 ريال، وعندما صدر الأمر الملكي الكريم بزيادة رواتب الموظفين 15 في المئة لم يشمله والسبب الذي يذكره في خطابه، أنه عندما راجع التأمينات فقيل له شفهياً إن الزيادة لا تشمل سوى من يتقاضى اقل من 1800 ريال، إلا أن الأخ محمد يشير إلى زملاء له على رأس العمل حصلوا على تلك الزيادة! وفتح باب السؤال والأمل للأخ محمد وزملائه متقاعدي التأمينات الاجتماعية عندما طرح الموضوع في برنامج على قناة “الإخبارية”، اتصل أحدهم ليطرح السؤال فقيل له: “وقت البرنامج انتهى”!
معاناة المتقاعدين معروفة، والأموال التي تعمل بها الجهات الحكومية وتشغلها هنا وهناك، سواء التقاعد أم التأمينات هي أموال مقتطعة من رواتبهم على مدى سنوات طويلة، فمن حقهم أن يجاب عن أسئلتهم ويحصلوا على حقوقهم، وحتى لا نقع أسرى لردود إدارات العلاقات العامة، أقترح أن وتشكل جمعيات تقوم بما تقوم به الجمعيات العمومية للشركات المساهمة، بحيث تنعقد كل عام لتطرح فيها كل التساؤلات على بساط البحث، بما يحفظ حقوق الأفراد والجهات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.