“تكبير الوسادة” تعبير شعبي في السعودية يقصد به توافر حالة “إجبارية” لنوم عميق، فإذا تعاطف معك صاحبك وقال: “كبّر الوسادة”، فهو يقدم لك النصيحة بأنه لا فائدة من شكواك… النوم هو الخيار المتاح. الآن نشأ لدى سكان الرياض مصطلح جديد وهو “تدبيل اللطمة”، أي مضاعفة طبقات اللثام، بسبب رائحة طفح مياه الصرف الصحي أعزكم الله. أصبحت “تلك الرائحة” عنواناً لعدد من أحياء العاصمة، مع تركز لافت ومؤسف حول بعض المساجد. والسبب دورات مياه سائبة تركت لمن هب ودب.
حيوية خدمة الصرف الصحي وأهميتها لصحة البشر والبيئة من نافلة القول. وسكان الرياض – أو معظمهم – يعيشون تحت وطأة هذا الهم. في المقابل، هناك جهود حكومية ضخمة لإنشاء شبكة الصرف الصحي، وهي جهود تلهث أمام التوسع السريع والكبير للعاصمة، هناك أكثر من 199 مشروعاً للصرف، بكلفة تصل إلى حدود التسعة بلايين ريال في منطقة الرياض، إلا أن هناك تأخراً كبيراً في التنفيذ. والسؤال: هل لدى إدارة المياه بمنطقة الرياض القدرة الفنية والرقابية على محاسبة المقاولين مع ضخامة المشاريع وتعددها؟ الجواب من النتائج على الأرض! القدرات أضعف بكثير، والدليل استمرار التأخير في التنفيذ. كنموذج قالت هذه الإدارة في رد على شكاوى سكان حي الروضة لتأخر المشروع أربع سنوات: “إن المشروع تم سحبه من المقاول”. تم ذلك بعد أربع سنوات، وإذا تفحصت أوضاع عمال مقاولي مشاريع الصرف ستعرف السبب، تلاحظ أنهم مثل عمال الترحيل و “اليومية”، كأنه تم تجميعهم على عجل من حي البطحاء. أما إذا تفحصت بعض الآليات ستكتشف أنها مؤجرة من أفراد، “شيول.. دقاق.. الخ”، تعمل يوماً وتختفي أسابيع، ولا ترى اسماً لشركة، فهل هناك رقابة على تلزيم المشاريع من الباطن لمقاولين أقل قدرات؟ وأين محاسبة المقاول الأصلي؟
ومن الطرائف أن احد المواطنين حدد موعد زفاف ابنته، واكتشف بعد توزيع رقاع الدعوة، أن مقاول الصرف الصحي بدأ في رسم العلامات على الشوارع المحيطة بمنزله، مقر الحفلة، أصيب الرجل بالقلق. سيتم الحفر اليوم أو غداً ويصاب بالحرج أمام المدعوين. وبعد عامين من رسم تلك العلامات رزق الرجل بحفيد وحفيدة، بعد أن مرت الحفلة بسلام من الحفر. والعلامات شامخة تحكي قدرات المقاولين الأشداء. مواطن آخر يتحدث عن أحوال حارس آليات شركة، وكيف أصبح من طول المدة والاهمال ضيفاً دائماً على وجبة العشاء. الأحاديث الصحافية عن كلفة المشاريع وعددها أمرها معروف، إلا أنه لا حديث عن المتابعة والرقابة والمحاسبة وأسباب التأخير. ومن العجب أن الانتهاء من المشروع لا يعني التمتع بالخدمة، لأن التوصيل للمنازل حكاية أخرى وسنوات أطول… وربما مقاول جديد… والشاهد… “تكبير الوسادة واللطمة”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط