أشجار الرياض في خطر

وهي ليست من الكثرة بحيث تسبب أضراراً، إنها مجموعة من الأشجار المتناثرة في جزر الطرقات السريعة وبعض الأحياء والمنعطفات، وحدائق هنا وهناك، وهي في المجمل تضيع وسط مساحات مدينة الرياض الصحراوية المترامية الأطراف، تشكل شجرة النخيل الكريمة السواد الأعظم منها، إضافة إلى أنواع أخرى، غرست معظمها منذ سنين وعقود، واحتاجت إلى جهود وجهود، بقيت صامدة في مناخ صعب، يشكو من الحرارة المرتفعة وشح المياه، وما أدراك ما الحاجة للمياه.
إذا كان لدى بعض المسؤولين في أمانة مدينة الرياض رؤية جديدة في التشجير والتخضير، فلماذا لا يطبقونها في الأحياء والطرقات الجديدة التي تشكو من انعدام وجود الأشجار وكثرة “التربات”؟ لماذا نبدأ من حيث بدأ الآخرون؟ أليس الأولى أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ في الحد الأدنى يصبح هناك مجالاً للمقارنة بين رؤية سابقة ورؤية جديدة أقول هذا في الحد الأدنى.
 ثم إن سؤالاً يسدح نفسه مثل جذع نخلة حطمها “شيول” يقوده عامل، يسدح السؤال نفسه ليقول: ما هي “خانة” أهل الرياض وسكانها ومحبيها وهم كثر، مع “الأمانة”؟ لماذا لم يستشاروا في الأمر؟ ألم يكن لهم “خاطر” لدى “الأمانة” لتشرح لهم الرؤية الجديدة قبل البدء في اقتلاع أشجار ونخيل يعرفونها وتعرفهم منذ أن كانوا صغاراً، وبعض منهم استظل بظلالها في لحظة قيظ حارقة؟
إذا كان أصحاب الرؤية الجديدة اكتشفوا أخطاراً أو قبحاً من حملات التشجير السابقة خلال العقود الماضية فلماذا لا يخبروننا؟ فهل اكتشفوا خطراً على صحة السكان من أشجار عاشت لعقود معهم وعايشوها؟ هل تحولت الأشجار التي عرفناها إلى غول يخطف الأطفال؟ أو ظهر أنها تسبب طفح مياه الصرف؟ أو أنها هي المعنية بطمر النفايات في بطن الأرض الشاكي من تلبك؟
من نافلة القول أنك تصاب بالمرارة إذا رأيت أحدهم يقتلع شجرة في أقاصي الصحراء، وقد تحاول إيقافه أو نصحه وربما الإبلاغ عنه، فكيف بوسط مدينة عامرة تشكو من التلوث وشح المياه والتصحر! ثم أين تذهب كل تلك الأموال التي صرفت على مدى عقود لعمليات التشجير المتعاقبة، وهي عمليات طالما تم الاحتفال والاحتفاء بها؟ وكم سنحتاج من أموال جديدة لتشجير جديد، بما يعني ذلك من تغيير للتربة وري في بلد صحراوي يدعو المسؤولون فيه للترشيد؟
من المعلوم أن الرقعة الخضراء في الرياض المدينة صغيرة مقارنة بمساحتها، أليس من الأولى ترك السابق وغرس الجديد؟
إنني استصرخ الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وأمانتها الموقرة بأن توقف اقتلاع أشجار غرست جذورها في قلب كل محب للرياض. وبعدها لكل حادثة حديث، وإلى حين تفحص هذا الاتجاه الجديد وأين سيقود رئة العاصمة المثقلة بالأتربة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.