لدى بعض منا هوس بالحجم والكثرة، وإذا كان هذا أمر يمكن تفهمه لدى عوام الناس لأسباب موروثة ليس المجال هنا لتشريحها والبحث في أسبابها، إلا انه أمر يستغرب من أصحاب الأقلام. بعض الزملاء الكتاب في عدد من الصحف العربية.
وأرى في هذا ضرراً كبيراً، وخلطاً للأمور، بل إن فيه، بصورة غير مباشرة، تحقيقاً لأهداف فئة صغيرة جداً محدودة لها لا تتجاوز عددا من الأفراد لهم أهدافهم الخاصة، وحتى تكون الصورة واضحة، فمن المعروف أن هناك خلافاً بين بعض السياسيين القطريين ودولاً عربية عدة، واستخدم أولئك المسؤولين في قطر قناة “الجزيرة” لتحقيق ما يصبون إليه، مرة بطريقة مباشرة ومرات عدة بطرق غير مباشرة، هذا أمر معروف لا يختلف عليه اثنان، إلا أن حشر شعب قطر أو التقليل من قيمته لأنه قليل العدد مثلاً عند نقد ذلك الاتجاه أمر مرفوض، فلا هو من العدل ولا النضج، كما أنه يحقق ضرراً أكثر حتى للقضية التي يناقشها صاحب الرأي المنشور والتي قد تكون قضية عادلة.
ولأن الذكرى تنفع المؤمنين، أذكر أنني حرصت إبان غزو الكويت ومن ثم عملية تحريرها عند الكتابة على الإشارة إلى مسؤولية “نظام صدام”، وليس العراق أو الشعب العراقي، وهذا ناتج عن قناعة بسيطة بأن النظام لا يعبر بالضرورة عن شعبه، ثم انه متحرك متغير، وكتبت وقتها أطالب الصحافة الكويتية، خصوصاً، بالتفريق وعدم خلط الأوراق، لأن الضرر سينعكس على الجميع بما فيهم أصحاب القضية العادلة. قلت: “العراق والشعب العراقي باق، والنظام مستقبله مجهول وهو وحده المسؤول، وهذا ما حدث”، النموذج هنا يقصد بذكره توضيح وجهة النظر، ليس إلا، حتى لا يحمل أكثر مما يحتمل.
والقطريين سواء كانوا بمئات الآلاف أو بعشرات الملايين ليسوا مسؤولين عن قناة “الجزيرة”، حتى ولو كان بعض، محدود جداً، منهم يديرها أو يحدد توجهاتها، فلماذا يحشرهم بعض الكتاب العرب في مقالاتهم عند نقد قناة فضائية أو سياسة خارجية لقطر يديرها فرد واحد، ربما تتغير رأساً على عقب في لحظة، وينتهي هذا الأمر فلا يبقى سوى صديد تراكم في نفوس الشعوب؟
****
للمرة الأولى أعلم أن “عرب سات” أي المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية، وهي مؤسسة تملكها حكومات عربية تهتم برأي المشاهدين، هذا العلم الجديد جاء بعدما قرأت خبراً صغيراً، تقول فيه المؤسسة إنه ورداً على استفسارات المشاهدين فإن بعض قنوات الفضائية المرفوضة من الغالبية، لم تعد تبث على أقمار “عرب سات”، والسؤال أينكم منذ سنوات طوال، والجميع يصرخ ويناشدكم التدخل وإيقاف بث الغثاء والشعوذة؟ وما الفائدة الآن وقد سمحتم لهم بتمهيد الطريق وتكوين قاعدة من المشاهدين السذج. ليبثوا من أقمار أخرى؟ ثم هل انتم راضون عن ما يطل علينا من أقماركم الآن؟ وهل هو معبر عنكم؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط