بعد مرحلة الطيارين جاءت مرحلة الأطباء على قائمة الإرهاب العربي الإسلامي ضد الغرب المسالم المسكين.
لماذا لا أستطيع التصديق؟ وتنتابني شكوك على رغم أنها “سكوتلنديارد” هذه المرة وليست المخابرات المركزية الأميركية، السبب حملة الأكاذيب الرسمية، الأميركية البريطانية، التي احتلت تحت غبارها الكثيف أرض العراق، حملة شارك فيها الرؤساء ونوابهم، وزراء دفاع وخارجية وأجهزة رسمية قيل عن دقتها وقدرتها ما قيل، كانت حملة فضائية على الهواء مباشرة، ومن يستطيع أن ينسى كولن باول وصور الأقمار الاصطناعية في تلك الجلسة العاصفة الشهيرة.
لماذا لا أستطيع التصديق، واللجنة الدولية المكلفة بالتفتيش على أسلحة العراق، أصدرت أخيراً بياناً قالت فيه إن معظم المعلومات التي زودتهم بها السلطات العراقية في النظام المخلوع كانت صحيحة؟
لماذا لا أستطيع أن أصدّق حكاية الأطباء الإرهابيين والمحكمة العليا الأميركية تراجعت عن قرار سابق لها، وسمحت بسماع الدعاوى التي يتقدم بها المعتقلون “الإرهابيون” في غوانتانامو للطعن في قرارات اعتقالهم وشرعيتها.
لماذا لا أستطيع التصديق والاستطلاعات تقول إن أكثر من نصف الشعب الأميركي يؤيد إقالة بوش وأفعاله وأقواله على رأس الأسباب؟
لماذا لا أقتنع بصدق الأخبار المتناثرة عن إرهاب الأطباء، والولايات المتحدة ومعها بريطانيا شنّفت آذاننا في تسويق حرصها على الديموقراطية والانتخابات، وحرية الإنسان وحقه في الاختيار، وعندما فازت “حماس” في فلسطين قاطعتها وأمرت بمقاطعتها وضيقت عليها حد الاختناق.
لماذا حاولت أن أصدق ولم أستطع، والغنيمة جاهزة للأكل بقانون هذه المرة، في حال فريدة تاريخية، يحكيها قانون النفط العراقي الجديد الذي يمكن لشركات القوات المحتلة للعراق من الاستحواذ عليه، ويؤسس ليكون البلد الواحد ثلاثة بلدان أو أربعة وربما خمسة؟. هي القوات نفسها التي وصلت لتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان في ذلك البلد الغارق في الدماء.
صدقتُ أم لم أصدق، لن يغير هذا من الأمر الجاري حالياً في عواصم غربية شيئاً يذكر، لكنها إشارة إلى أن كل ما يصدر من الغرب أصبح موضع شكوك مشروعة، والأطباء ربما يتبعهم بعد فترة من الوقت مهندسون، وتقنيون، وكل عقل يفكر، قبل هذا “من زمان” كان علماء الذرة هم الهدف، بأسلوب آخر… لندرتهم ولكونهم يعدون على عدد الأصابع ضاعوا بين اغتيال وملاحقة وحصار، ربما لن يستثنى من الاتهامات سوى المطربين والمطربات والراقصات. إذا كان هناك ما يمكن إلقاء اللوم عليه بصورة رئيسية في ما يسمى ظاهرة الإرهاب فهو قوات التحالف والسياسيين الذين جاؤوا بها.
بودّي أن أصدق وأركض مع الراكضين وراء الأخبار لأعلق عليها، معتبراً صحتها من المسلّمات، هذا أمر أكثر سهولة ويسر على الكاتب، لكن سياساتهم الخارجية لم تترك مجالاً لي… فماذا أفعل والكثرة تصدق… ثم تنسى لتنشغل بتصديق معلومات جديدة؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط