لن نعرف قيمة الماء إلا بعد أن ندفع ثقله ذهباً ثمناً له، إذا ما استمرت الحال على ما هي عليه، أما وزارة المياه والكهرباء فاكتفت بحملة ترشيد تطالب فيها وتناشد، والأولى أن يتم تجريم استنزاف المياه، وذلك بإصدار قانون صارم يحد من سوء الاستخدام المنتشر في بلاد جافة صيفاً وشتاءً، أرض تعيش على تحلية مياه البحر، لتصل إلى أيدٍ مختلفة، بعضها يشعر بقيمة الماء ويخاف الله تعالى في هذه النعمة العظيمة، وبعض آخر “لا في العير ولا في النفير”. إن التمنيات التي تحتويها حملة الترشيد لا تكفي وحدها، فهي أولاً باللغة العربية في بلد فيه جنسيات لا تتحدثها ولا تقرأها، تحمل “خراطيم المياه” فيه بأيدي مَنْ لا يفقهونها أو يهتمون أصلاً بهذه القضية الحيوية، وإذا لم نصدر قانوناًً صارماً يجرّم استنزاف المياه وسوء استخدامها ويتضمن عقوبات رادعة لن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، ولن يختلف الأمر عن حملات السلامة المرورية التي لم تحدث أثراً في أذهان كثير من السائقين. إنه الماء أيها السادة، أذكركم به ودرجة الحرارة في الرياض تجاوزت منتصف الأربعينات، وأرى عاملاً يغسل الرصيف بالماء النظيف، وعامل آخر ينظف ساحة أمام الجامع! بالماء النظيف، ومنازل كأنها آبار “ارتوازية” لا تتوقف المياه عن التسرب منها…، كأن سكانها أسراب من “البط”!
والقضية لها أصل في الدَّين وفي الاقتصاد وفي المواطنة وفي الإنسانية، وحتى في السياسة، حروب الماء مقبلة.
في سنغافورة يجرم مضغ العلك، حتى اشتهر البلد الصغير بهذا القانون، ونحن في بلد يشكو من ندرة المياه، وهي أساس الحياة ولا نضع القوانين التي تحقق الردع المناسب.
أحد الأخوة القراء لفت انتباهي في رسالة منه إلى أن مخرجي مباريات كرة القدم المحلية في التلفزيون يركزون الكاميرا على لاعبين يشربون المياه من علب بلاستكية ثم يقذفون بها خارج الملعب، وهي نصف ممتلئة، ويعلق قائلاً ماذا يفعل مثل هذا التصرف في النشء، واتفق معه في ما ذهب إليه. نحن لم نقدر الماء حق قدره، وقد يسخر بعضنا من ذلك، وهم يعومون في بركة السباحة.
وأذكر القراء بهاتف طوارئ المياه 939 ليبلغوا عن سوء الاستخدام والاستهتار، وألا يكتفوا بتغيير المنكر في قلوبهم ويمصمص بعضهم شفتيه، وأنتظر أن يكون هناك تجاوب حقيقي من الوزارة، وأن تشمر عن ساعديها، لإصدار قانون تجريم استنزاف المياه، وأجزم بأن الأمير خالد بن سلطان وبما عرفته عنه من اهتمام بهذه القضية الحيوية “سيفزع” مع الوزارة ويدعمها ليخرج مثل هذا القانون للوجود، لأني أعلم أنه وضع قضية المياه نصب عينيه وعلى رأس سلّم اهتماماته.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط