نظافة الجدران!

تحتفظ ذاكرتي بصورة طيبة عن وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري. أصل هذه الصورة المحفوظة جاءت أيام كان الوزير أستاذاً في جامعة الملك سعود، وكنتُ من ضمن طلابه في مادة من مواد الاقتصاد، الصورة الطيبة عن شخصية متوازنة، متواضعة فيها كثير من احترام الآخر، الآخر هنا هم الطلبة بوضعهم المستضعف” المعروف” في جامعاتنا، ولا أتوقع، ربما لست أريد، أن تكون نيابة المالية ثم حقيبة النقل قد غيّرت من تلك الصورة المحفوظة.
الدكتور جبارة صرح لجريدة “الحياة” عن “تشكيل لجنة لدرس أوضاع الخدمات على الطرق”، وأحسن الزميل عبدالله بن ربيعان الذي نقل التصريح بالإشارة إلى أن الوزير “لم يذكر وقتاً محدداً لانتهاء إعمال اللجنة”! الصحافي الحقيقي لا يجوز أن يتحول إلى آلة تسجيل ينقل ما يقال له فقط، بل يجب أن يكون مستعداً للنقاش حاملاً خطة عمل ورؤية واضحة. دائماً ما ينتقد المسؤولون “بعض” الصحافيين بأن ليس لديهم تحضير فيكتفون بسؤال مثل: “ما مشاعركم بهذه المناسبة”؟ وبالمناسبة لا يفوتني إبداء مشاعر الشكر للزميل عبدالله، ولو متأخراً، على تغطية هذه الصحيفة لفعاليات “ندوة مالية” ضحك فيها الوزراء فأضحكونا معهم، والإضحاك هذه الأيام اختلط كثيراً بالبكاء.
أعود إلى صلب الموضوع، حيث “نوه” وزير النقل بـ “دور الإعلام في توعية مستخدمي الخدمات التي على الطرق إلى ضرورة المحافظة على نظافتها وعدم العبث بها أو الكتابة على جدرانها، لأن ذلك يعكس الوجه الحضاري للمواطن والمقيم”. انتهى.
يظهر لي أن معالى الوزير لم يستخدم ما سمّاه خدمات على الطرق منذ زمن بعيد، وقد توقفت كثيراً عند “عدم العبث أو الكتابة على جدرانها”. الحقيقة يا معالي الوزير أن المسافرين يدعون الله تعالى بألا يضطروا إلى استخدام تلك “الخدمات”، وعندما يمرون ببعضها “يتلطمون”، أما جدرانها التي يحرص على نظافتها، فإنني أعتقد بأنه لا يوجد كائن حي يستطيع المكوث ثواني في ظل كثير منها إن كان له ظل. والمطلوب من اللجنة أن تبدأ بملف امتيازات حصرية لم تحقق الفائدة للمواطنين إذا ما كانت قائمة حتى الآن. ولعلها فرصة لأذكر “النقل” بحواجز السلامة المتآكلة في مخارج طريق “الرياض – سدير – القصيم” إذ تتحول في الظلام إلى مهالك، ولأن الذكرى تنفع “النقل” أذكر بأحوال طريق “الليث ومثلث الروبيان” وقد قمت “بالتوعية” عنه منذ زمن.
ومن اللافت أن يذكر دور وسائل الأعلام في “توعية” المواطنين، ولا يهتم بدورها في توعية الجهات الرسمية. لقد قامت الصحف بدورها المحمود “منذ مبطي” في كشف أوضاع هذه الخدمات من دون فائدة تذكر! ولولا أن هيئة السياحة قامت بواجبها وأصدرت ذلك التقرير عن أوضاع استراحات الطرق ربما لم تشكل لجنة لا يعرف متى تُنهي أعمالها؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.