عصفور الرز

هذه المرة يمكن للمستهلك في السعودية أن يفعل شيئاً، بعد أن عانى طويلاً ولا يزال، لكنه لم يفكر بفعل ربما يراه الفرد الواحد بلا تأثير، ولو بدأ بنفسه لرأى العجب، ولعل من العجب أيضاً، أن بعض من كتب في الصحف المحلية ومنهم مسؤولون سابقون وحاليون في القطاعين العام والخاص صاروا يكتبون عن “الجمعية الوطنية لحماية المستهلك”، وكأنها حقيقة واقعة قائمة، وهي ما زالت قراراً لم ينفذ على ارض الواقع، وربما يحتاج إلى كثير من الأخذ والرد حتى يرى النور، بل إن بعضاً منهم أصبح يكتب مطالباً هذه الجمعية بالتدخل، وهي لم تنشأ أصلاً؟!
وأسجل هنا ملاحظة مهمة للمسؤولين الذين يعملون على إصلاح وضع المستهلك وحصوله على حقوقه العادلة، تقول الملاحظة، إنه لا يُعقل أن يُوكل إعداد وإنشاء هذه الجمعية الوليدة لجهات لم تستطع أن تقدم للمستهلك شيئاً يذكر طوال عقود وحاورت وداورت على مدى ذلك الزمن  لحماية مصلحة التاجر على حساب المستهلك.
أعود إلى ما يجب على المستهلك في السعودية أن يفعله في هذه الفترة، مطلوب منه أن يتخلى عن عادة استمر عليها لسنوات، لهذا من الواجب عليه أن يوطد العزم منذ الآن بأن يخرج زكاة الفطر لشهر رمضان المبارك نقداً، ويستند في ذلك على فتاوى أصحاب الفضيلة، منهم الشيخ الدكتور سلمان العودة، والمعنى أن يبتعد عن الرز فلا يشتريه لغرض إخراج زكاة الفطر، وهذا ليس أمراً صعباً، ودعوت إلى التغيير منذ أن بدأ التجار برفع الأسعار.
وفي خيار المستهلك هذا فوائد كبيرة، اقلها تخفيف الطلب على الرز الذي شهدت أسعاره ارتفاعات لا مبرر لها، فالتجار يبيعون في الأسواق ما خزنوه منذ شهور بأسعار هم من وضعوها وحددوها، وجزء من هذا المخزون تم استيراده لمواجهة الطلب الكبير على زكاة الفطر، فلنساعدهم ليبقى في مخازنهم، والموقّع أدناه ممن عاصروا تحول الناس في إخراج زكاة الفطر من القمح إلى الرز قبل سنوات قليلة، باعتبار انه “قوت البلد”. وعايشت مع غيري مناظر أكياس الرز المكدسة التي تقدم للفقراء بما يزيد على حاجتهم، فيضطر بعض منهم لبيع جزء منها في “حراج ابن قاسم” في الرياض على سبيل المثال! بل إن بعض المتاجرين بالزكاة ممن يبيعون على الأرصفة يقومون بإعادة بيعها في لحظة تقديمها نفسها.
ثم إن الفقراء لهم حاجات أخرى، سيوفر لهم إخراج الزكاة نقداً فرصاً للحصول عليها بما يحفظ كرامتهم، هنا نصطاد أكثر من عصفور واحد، منها عصفور الرز، وهو عصفور ظريف يحتفي بالأزمات ومشكلته أنه لا يشبع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.