إدارة البنات بالجوال

حتى كتابة هذا المقال وقضية طالبات ومعلمات الثانوية المطورة في الدمام معلقة، وأولياء أمورهن ما زالوا يحاولون، وهناك أكثر من أسبوع بلا تعلم أو تعليم، والقضية كتب عنها في “الحياة” و “اليوم”، وملخصها أن تعليم البنات في المنطقة الشرقية قرر بمكالمة هاتفية ورسائل جوال نقل طالبات ومعلمات الثانوية المطورة إلى موقع آخر غير الموقع الأصلي في حي الجامعيين، تم هذا النقل الهاتفي مع بداية العام الدراسي الجديد!
ومنذ سنوات وقضية تطوير التعليم في السعودية تطرح بكثافة في وسائل الإعلام ومنتديات الحوار الوطني، لكنها تتركز على تطوير المناهج ورفع كفاءة المعلمين والمعلمات، والمباني الخ، ولا اذكر انه جرى الحديث عن تطوير الإدارة، ولدي ظن انه عندما يطرح تطوير إدارة التعليم سيفكر البعض في تطوير المباني والمنشآت الأسمنتية، والسبب تراكمات منذ أيام الطفرة الأولى تحولت إلى قناعة بأن التطوير يعني مباني جديدة اكبر مساحة وأكثر لمعاناً!
والأصل أن العاملين في إدارات تعليم البنات لديهم واجب أساسي هو توفير البيئة المناسبة والحاجات للطالبة والمعلمة، وليس من هذا وضعهم في حال ارتباك ومفاجأتهم بالنقل في لحظة حرجة من دون أسباب مقنعة، السبب الذي أعلن “لاحقاً” هو زيادة عدد فصول المرحلة المتوسطة على حساب الثانوي المطور، وسكان الحي كما ذكر لي لم يطالبوا بشيء من ذلك، ومهما كان السبب فإن في المفاجأة ارتجالاً واضحاً، المشكلة إنني لم أجد عبارة انسب من “ارتجال”، على رغم أن بعض الإداريات في تعليم بنات الشرقية طرف أساسي في القضية.
وواحدة من المشكلات الإدارية في تعليم البنات في السعودية أن كثيراً من أعماله الإدارية تتم شفهياً، وهي تعتمد على مكالمات، وهو ما يسمح لبعضهن بالتمدد ولو ارتجالاً، والدليل أن بعض الخطابات التي وصلتني أشارت إلى موافقة مدير التعليم، والموافقة لا تأتي إلا بناء على طلب، والإدارة النسائية في التعليم لدينا بعيدة عن التخطيط، وإذا أردت أن تأخذ نموذجاً صارخاً فلك أن تلاحظ أوقات الحضور والانصراف المرتبكة في بداية العام الدراسي ونهايته، إنني أتخيل أنها تعتمد على وقت وصول سائق المديرة أو المساعدة!
ومن العجب أن نستخدم التقنية الحديثة بهذه الصورة، فبدلاً من أن تكون ميسّرة تصبح مربكة ومقلقة! والمتضرر مما يحدث أولاً وأخيراً الطالبات وأولياء أمورهن، الذين وجدوا أنفسهم في قلب قرار فجائي قلب نظامهم اليومي، ولك أن تتخيل المخرجات المرتبكة المحبطة التي ستنضم إلى المجتمع، فقط لأن قراراً اتخذ ولا يراد الرجوع عنه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.