أظن أنني علمت أين تذهب معظم تلك المسروقات العجيبة، وكيف تختفي العمالة الهاربة، كان مستغرباً أن تستمر سرقة الكابلات وأسلاك النحاس وكابلات الاتصالات، وموتورات شفط الماء وكل ما هو حديد أو يشبه الحديد، ولا تنس حتى عيون القطط من الشوارع، وكنت مثل الكل اعتقد أنها تباع في السوق السوداء، لا بد من أن بعضها يباع في هذه السوق الكبيرة الخفية، لكن كثيراً منها في تقديري يذهب للبناء والتشييد، والصحافي خالد الفارس من “الوطن” كشف لنا عن قرية العمالة الهاربة العجيبة التي شيدت من الصنادق الخشبية في جوف الصحراء في جنوب مدينة الرياض، والعاصمة السعودية لمن لا يعرفها مدن داخل مدينة من دون مبالغة، لذلك فإن الوصول إلى أطرافها ليس بالأمر السهل إلا لصاحب حاجة أو صحافي حقيقي، لذلك قلت “أثرهم يبنون” عندما قرأت التحقيق الذي قدر عدد سكان هذه القرية بألف نسمة جميعهم من العمالة الهاربة والبنغالية تحديداً، وهم مستقرون بهدوء واطمئنان، إلى درجة وضع أجهزة التقاط البث الفضائي على سطوح تلك المنازل غير الشرعية، وهذه من ضرائب الاتساع الأفقي الكبير. من هنا أظن أن المسروقات كانت تستخدم للتشييد والبناء، فقلت مرة أخرى “أثرهم يبنون”.
المثير أن بلدية حي العزيزية التي يقع الحي الخشبي في نطاق صلاحيتها تعلم بهذا الأمر، بل وكتبت لمرجعيتها، أمانة مدينة الرياض، من دون أن يصلها رد!
كنت في مقال سابق اقترحت استخدام الطيران العمودي للمسح والبحث الأمني، خصوصاً عن المستودعات المسوّرة حول العاصمة، بعد أن دهمت قوى الأمن بعضاً منها، ولكثرتها وسهولة الاختباء خلف أسوارها اقترحت ذلك ولم يجد صدى يذكر، كان اقتراحاً على قدر النية البسيطة، لكن في حالة القرية الخشبية، والبلدية والشرطة تعلمان عنها، والمسألة بحسب ما ورد في التقرير اجتهاد في تحديد الصلاحيات، وتصنيف القرية الخشبية هل هي منازل عشوائية وتعديات؟ أم عمالة هاربة تمارس الممنوعات؟ بصراحة توقف التفكير عندي، فلم استطع أن احدد، حتى فكرت انه يمكن اعتبارها قرية سياحية! ثم استنتجت من القرية العجيبة أن العمالة البنغالية أكثر شطارة مما نتوقع، ولا بد من أن كبيرهم “سيف الرحمن عماد الدين”، وهذا هو اسمه، خبير مخضرم في البيروقراطية الحكومية.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط