“مزايين”

أصوات التحذير من خطورة فعاليات مزايين الإبل القبلية على الوحدة الوطنية في السعودية صارت أعلى من ذي قبل، ومنذ أن بدأ انحراف مزايين الإبل وربطه باسم القبيلة وهناك هاجس لدى كثير من المواطنين يحذر من هذا التوجه، حتى لو كان عفوياً في بداياته، التأجيل الرسمي الذي أعلن لبعض تلك الفعاليات من الأخبار الطيبة، وهو دليل على المتابعة، لكن الرسمي لا يكفي وحده، وسائل الإعلام عليها مسؤولية كبيرة، من هنا أطالب القائمين على برامج الشعر الشعبي سواء في الفضائيات الخليجية مثل “شاعر المليون” وغيره والفضائيات التي تعيش على رسائل المشاهدين بأن يتوقفوا عن شحن العصبيات بهذه الصورة البدائية، التي تنذر بأخطار جسيمة على الوحدة الوطنية، ومزايين الإبل  لمن لا يعرفونها هي مسابقات لجمال الإبل، ولا يستطيع إظهار هذا الجَمال في الجِمال سوى أهلها، وقبل سنوات حضرت على هامش إحدى الفعاليات في منطقة “أم رقيبة” وسط السعودية ولم تكن المزايين ذلك الوقت انحرفت لتصبح مزايين ابل القبائل، كانت الفعاليات مناسبة لتجمع أبناء البادية من مختلف دول الخليج العربية، ونشأت سوق موسمية لهم أيضاً يتم فيها عرض منتجاتهم جنباً إلى جنب مع المنتجات الصينية.
والمزايين فكرة طيبة إذا كان الهدف منها تحسين نسل الإبل وإكثارها والتوعية بتربيتها التربية السلمية وطرق الاستفادة الكاملة من منتجاتها استفادة اقتصادية، ونشر سبل مواجهة الأمراض التي قد تصيبها، مثل هذا يزيد من نمو اقتصاد البادية وتطويره أمر مهم، لكنها للأسف تحولت إلى أداة من أدوات التفاخر حول أغلى فحل وأجمل ناقة، ويروي لي احد الإخوة أن هناك من يجمل الإبل قبل المسابقات بصورة غير مشروعة مثلما يحصل لبعض الممثلات والفنانات، فيتم “تضخيم أو نفخ البراطم وفهق السنام”، ولم استطع الوصول إلى معلومات موثقة لتأكيد ممارسة هذه الأساليب مع أنني لا أستبعدها، ولهم عبرة في “براطم” بعض الممثلات، ليت احد خبراء المزايين يتحفنا بما لديه من معلومات عن “كواليس المزايين”.
من الممكن تحويل فعاليات المزايين إلى دورات علمية تثقيفية لتعليم وتوعية مربي الإبل بأساليب التربية الحديثة، وتبادل الخبرات في ما بينهم، هنا نحقق الكثير لهذه الثروة الحيوانية المهمة والتي يعتمد عليها أبناء البادية، وأول بند في إصلاح هذه الفعاليات هو عدم ربطها باسم قبيلة محددة، وقرأت إعلانات عن مسابقات على هامش أحد المزايين ومن ضمن الشروط للمتسابقين أن يكون من أبناء القبيلة! وهذه مؤشر على المستقبل المتوقع.
بعد كارثة نفوق الإبل بالآلاف في السعودية وصلت القناعة لدى البعض من أبنائها بأن هذه الكارثة عقوبة إلهية من جراء ما حصل ويحصل في المزايين، وهو أمر علمه عند الله تعالى مع عدم نسيان أن التبذير والتفاخر والعصبية ليست من أخلاق الإسلام، وفي الوقت الذي يؤخذ على بعض أبناء البادية التوجه إلى التعصب القبلي، لابد أن نؤاخذ بعض ممن يوصفون “بالمتمدنين” أو الحضر على عصبيتهم المناطقية في مواقع نشاهدها كل يوم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.